للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الإمام ابن تيمية عن حديث ذبح الموت:" ولكن هذا مما استشكله كثير من الناس، وقالوا: الموت عرض، والأعراض لا تنقلب أجساماً ... قالوا: لأن الأجناس لا تنقلب فلا تنقلب الحركة طعماً، والطعم لوناً، ولكن الأجسام في قولهم جنس واحد، فلهذا ينقلب بعضها إلى بعض، كانقلاب الماء ملحاً ورماداً، قالوا: وإنما تتبدل الأعراض، وأما الأجسام فهي مركبة عندهم من جواهر منفردة متماثلة، وأنكر ذلك على هؤلاء غيرهم، وقال: ما ذكرتموه خطأ في المعقول والمنقول، فإن الصواب أن الأجسام أجناس مختلفة كالأعراض، وليس حقيقة الذوات كحقيقة الماء، وأن الله يقلب الجنس إلى الجنس الآخر، كما يقلب الهواء ماء، والماء هواء، والنار هواء، والهواء ناراً ... فهو سبحانه يخلق من الأعراض أجساماً كما ورد بذلك النصوص في مواضع، كقوله عليه السلام: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا «٥) (١).

ويقول الإمام ابن القيم: "وهذا الكبش والإضجاع والذبح ومعاينة الفريقين ذلك حقيقة لا خيال ولا تمثيل كما أخطأ فيه بعض الناس خطأً قبيحاً وقال: الموت عرض والعرض لا يتجسم، فضلاً عن أن يذبح، وهذا لا يصح، فإن الله سبحانه ينشئ من الموت صورة كبش يذبح كما ينشئ من الأعمال صوراً يثاب بها صاحبها ويعاقب، والله تعالى ينشئ من الأعراض أجساماً تكون الأعراض مادة لها، وينشئ من الأجسام أعراضًا، كما ينشئ سبحانه من الأعراض أعراضاً، ومن الأجسام أجساماً " (٢).


(١) ابن تيمية المسائل والأجوبة، ت: حسين عكاشة، ص (١٢٩).
(٢) ابن القيم: التفسير القيم، دار ومكتبة الهلال - بيروت، ط ١ ١٤١٠ هـ ص (٣٧٠)، ابن القيم: حادي الأرواح إلى بلاد الأرواح، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٠٣ هـ، ص (٤٠١).

<<  <   >  >>