للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأقوال العلماء في هذه المسألة أكثر من أن تحصر، كلها تدل على إثبات الصراط الحقيقي، بمواصفاته الواردة في السنة النبوية المطهرة، يؤمنون بها دون تأويل أو تحريف، أو رد وإنكار.

[المسألة الثانية: أدلة إثبات الصراط]

[أدلة إثبات الصراط من القرآن الكريم]

١ - يقول الله جل وعلا: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢)} [مريم:٧١ - ٧٢].

وهذا فيه" إشارة إلى وجود الصراط، إذ لا يكون الورود إلا بالمرور على الصراط على متن جهنم" (١).

يقول الإمام الطبري في معنى الورود:" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: يردها الجميع، ثم يصدر عنها المؤمنون، فينجيهم الله ويهوي فيها الكفار، ووروده هو ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مرورهم على الصراط المنصوب على متن جهنم، فناج مسلّم ومكدس فيها " (٢).

وقال ابن مسعود رضي الله عنه في الآية: "الصراط على جهنم مثل حد السيف" (٣).

قال أهل التفسير: المراد بقوله تعالى: {إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم:٧١]: يعني: النار، أو المرور. واختلفوا في المراد بالورود على أقوال:

١ - المراد بالورود: الدخول، وعليه جمهور أهل السنة (٤). وهو قول علي وابن عباس رضي الله عنهم، ورجحه الإمام القرطبي.

٢ - المراد بالورود: المرور، ورجحه الإمام النووي.

٣ - المراد بالورود: الإشراف عليها، والإطلاع إليها، والقرب منها (٥).


(١) غالب عواجي: الحياة الآخرة، دار لينة- مصر، ط ١ ١٤١٧ هـ (٣/ ١٢٢٦)
(٢) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (١٨/ ٢٣٤)
(٣) ابن أبي زمنين: تفسير القرآن العزيز، الفاروق الحديثة - القاهرة، ط ١ ١٤٢٣ هـ (٣/ ١٠٢)
(٤) النسفي: مدارك التنزيل، دار الكلم الطيب -بيروت، ط ١ ١٤١٩ هـ، (٢/ ٣٤٧)
(٥) القرطبي: التذكرة، دار المنهاج - الرياض، ط ١ ١٤١٥ هـ، ص (٧٥٩)، النووي: شرح مسلم (١٦/ ٥٨)، ابن رجب: التخويف من النار، ص (٢٤٦)، العراقي: طرح التثريب: (٢/ ٢٥١ - ٨/ ٢٧٨)

<<  <   >  >>