وهذا الأثر من الآثار الرئيسة للإيمان باليوم الآخر، الذي ينتج عنه طمأنينة المجتمع، والشعور بالأمن والعدالة، وذلك أن الإيمان باليوم الآخر، له أثره المباشر على الأفراد جميعاً، فمتى وقر الإيمان بالآخرة في القلوب، ورجت ما عند علام الغيوب، آثرت أن تعيش مع الآخرة، ولا تنس نصيبها من الدنيا وهذا مؤداه الطبيعي، أن يقوم كل فرد من أفراد المجتمع، بأداء واجباته تجاه بقية الأفراد، ولا يمكن حينها أن يضيع حق، أو توجد مظلمة. وبعيداً عن المثالية المجتمعية، يمكن القول بأن معدلات التظالم بين الأفراد، تقل كثيراً حين يوجد الوازع الديني، المبني على الخوف من الله تعالى، ورجاء ما عنده في الدار الآخرة؛ لأنه متى تيقن الفرد الجزاء والحساب، وأن مظالم العباد تُوفى فيها بالحسنات والسيئات، أخذ ما له، وأدى ما عليه؛ ليقدم على ربه خفيف الحمل من أعباء المظالم.
أما حين يغيب زاجر الآخرة عن القلوب، فلا تسل حينها عن فقد كثير من المعاني الإنسانية، التي ينتج عن فقدها، الظلم، وأكل أموال الناس بالباطل والتعدي على الحرمات.
ومن هنا لا يمكن أن تعيش المجتمعات آمنة مطمئنة، ترفل بالسعادة والرفاهية، ورغد العيش، إلا في ظل الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر.
وهذا الأثر ينتج أثراً آخر، من آثار الإيمان باليوم الآخر وهو:
[٣ - رد الحق لأهله (رد المظالم)]
إن رد المظالم، من شروط قبول التوبة النصوح، وهي التي قيل عنها:"التوبة النصوح: هي رد المظالم، واستحلال الخصوم، وإدمان الطاعات"(١).
والموفق من حاسب نفسه، وتدارك وقته، ورد المظالم، وتحلل كل من تعرض له بلسانه، ويده، وحتى سوء الظن بقلبه؛ حتى يلقى الله سبحانه ولم تبق عليه مظلمة.