للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: يحتمل أن يكونوا سألوا عن قدر اللبث الذي اجتمعوا فيه، فلا يدخل في ذلك تقدم موت بعضهم على بعض، فيصح أن يكون جوابهم {لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}: عند أنفسنا.

د. قال الله تعالى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ، إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} الصافات ٥٨ - ٥٩

قال المنكرون: قوله في هذه الآية، يدل على أن الإنسان لا يموت إلا موتة واحدة، ولو حصلت الحياة في القبر لكان الموت حاصلاً مرتين.

الرد: أن قوله تعالى: (إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى): المراد منه: كل ما وقع في الدنيا وهذا الاستثناء في الآية، استثناء منقطع، والمعنى: أي لكن الموتة الأولى كانت لنا في الدنيا، وهذا قريب في المعنى من قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} الدخان ٥٦ (١).

[ب. شبهة عقلية]

١ - ردهم النصوص الواردة في السنة المطهرة المثبتة لعذاب القبر بناء على أنها أحاديث آحاد، وهي لا تفيد إلا الظن دون القطع الواجب في باب العقائد، وليس في القرآن ما هو نص فيها (٢).

الرد: تتابع العلماء في الرد على هذه الشبهة، ويكفي في ردها النظر في تراجم الأئمة في مصنفاتهم في بيان وجوب قبول خبر الواحد العدل ... والعمل به.

يقول الإمام البخاري في صحيحه:" كتاب أخبار الآحاد"، وذكر تحته عدة أبواب مضمنة لمجموعة من الآيات، كلها تدل على وجوب قبول خبر الواحد، فقال:

- "باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام

- "باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -، الزبير طليعة وحده".

- "باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: ٥٣]. فإذا أذن له واحد جاز".

- "باب ما كان يبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأمراء والرسل واحداً بعد واحد"


(١) الرازي: مفاتيح الغيب: (٢٦/ ٣٣٥)، البغوي: معالم التنزيل: (٤/ ٣٢)، ابن عادل: اللباب في علوم الكتاب: (١٦/ ٣١٢).
(٢) محمد الخولي: الأدب النبوي، دار المعرفة - بيروت، ط ٤ ١٤٢٣ هـ، ص (٢٢٠).

<<  <   >  >>