للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المسألة الثالثة: الأدلة العامة على إثبات الشفاعة في الآخرة]

دلالات نصوص الوحيين مستفيضة على إثبات الشفاعة في الآخرة، وأنها حق لا شك فيه.

وجاءت النصوص الشريفة بالإشارة إلى نوعي الشفاعة في الآخرة، المثبتة للمؤمنين، والعصاة، وأهل الكبائر، والمنفية عن المشركين ونحوهم.

[(أ) الأدلة المثبتة للشفاعة من القرآن الكريم]

الأدلة المثبتة للشفاعة من القرآن الكريم كثيرة متضافرة، جاءت في سياقات مختلفة، كلها تدل على أن الشفاعة حق محض لله وحده جل في علاه، وأن الله سبحانه يتفضل على من يشاء من عباده، بأن يشفع بعد إذنه ورضاه جل في علاه.

يقول الرب سبحانه وتعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر:٤٤]، {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ ... } [البقرة:٢٥٥]، {مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ... } [يونس:٣] ... {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩)} [طه:١٠٩]، {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ... } [الأنبياء:٢٨]، {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٤)} [السجدة:٤]، {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ:٢٣]، {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (٢٦)} [النجم:٢٦].

ومن الأدلة على إثبات الشفاعة للمؤمنين، ونفيها عن الكافرين، قوله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨)} [المدثر:٤٨]، يقول الإمام الطبري:" وفي هذه الآية دلالة واضحة، على أن الله تعالى ذكره، مشفع بعض خلقه من بعض " (١). ويقول الإمام القرطبي:" هذا دليل على صحة الشفاعة للمذنبين" (٢).


(١) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (٢٤/ ٣٧).
(٢) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (١٩/ ٨٨).

<<  <   >  >>