[المطلب الثاني أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك في ضوء السنة النبوية المطهرة]
حملت السنة النبوية لواء تقويم السلوك، وتهذيب الأخلاق؛ إتماماً لما بدأه القرآن الكريم في هذا الجانب العظيم , وكلاهما وحي من الله جل وعلا يهدفان إلى غاية واحدة، وهي تعبيد الناس لله جل وعلا، ونشر معاني الخير والصلاح والفلاح، والقضاء على كل معاني الفساد والرذيلة، والأخلاق المذمومة.
وكانت بوابة هذا الإصلاح، الذي سارت عليه السنة المطهرة، في التقويم والتهذيب، والحض والتهييج، هو التذكير بالقيامة، وما فيها من الأحزان والآلام لمن خالف وعصى، وما فيها من الأفراح والإنعام لمن أطاع واستقام واتقى.
وقد أولت السنة النبوية هذا الشأن اهتماماً كبيراً، ومن أوجه هذا الاهتمام: الارتباط الدائم، والتلازم القائم، بين الإيمان بالله تعالى والإيمان باليوم الآخر في كثير من نصوص السنة؛ لتؤكد أن الدافع والمحرك نحو العمل، هو ما يحصله المرء من الثواب، وينجو به من العقاب.
ومن النصوص النبوية الدالة على أثر الإيمان باليوم الآخر في تقويم السلوك وتهذيب الأخلاق ما يلي:
١ - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»(١).
الإحسان إلى الجار، وإكرام الضيف، وحفظ اللسان، من أعمال البر والخير حثت عليها الشريعة، ووعدت عليها بالأجر العظيم، وهذا هو المحفز الكبير للالتزام بهذه الآداب الشرعية.
فلسائل أن يسأل: ما الداعي للالتزام بهذه الشعائر والآداب؟
(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأدب: ح (٦٠١٨) وأخرجه مسلم كتاب الإيمان، ح (٤٧).