للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحين يعلم البخيل أنه سيوكل إلى بخله في دنياه: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (٣٨)} [محمد:٣٨].

وحين يعلم أنه سيط وقون بما بخل به في أخراه {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}؛ سيكون هذا أكبر رادع، عن التمادي في هذا الخلق الذميم، "ولا يظن الذين يبخلون، أي: يمنعون ما عندهم، مما آتاهم الله من فضله من المال، والجاه، والعلم، وغيره، ذلك مما منحهم الله، وأحسن إليهم به وأمرهم ببذل ما لا يضرهم منه لعباده، فبخلوا بذلك، وأمسكوه، وضنوا به على عباد الله، وظنوا أنه خيرا لهم، بل هو شر لهم في دينهم ودنياهم وعاجلهم وآجلهم " (١).

إن المتتبع لأسلوب القرآن الكريم، لمعالجة كثير من قضايا المجتمعات المؤلمة كالغل، والحقد، والحسد، والرياء، والعجب، والكبر، والغرور، وغيرها من آفات القلوب، وكثير من مآسي التعاملات اليومية المشتملة على الغش والتطفيف، وأكل أموال الناس واليتامى بالباطل، وغيرها من آفات الجوارح، وكثير من الظواهر المتفشية، كالكذب، والخيانة، والغيبة ... والنميمة، وغيرها من آفات اللسان يجده أنجع الأساليب في معالجة هذه الظواهر المؤلمة، وذلك بالتذكير باليوم الآخر، وجعله ماثلا أمام أعينهم وبهذا الأسلوب الرائع، عالج القرآن الكريم كثيراً من هذه القضايا.


(١) السعدي: تيسير الكريم الرحمن، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ص (١٥٨).

<<  <   >  >>