للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ل) يقول الله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٨٠)} [آل عمران:١٨٠]، في هذه الآية الكريمة، بيان لحال البخل وضخامة عاقبته، وتخطئة لأهله (١)، سواء كان البخل في إيتاء الزكاة المفروضة ومانعيها، أو البخل في النفقة على العيال وذوي الأرحام. وهذه الآية وعيد شديد لمن يبخل، والبخل الشرعي: عبارة عن منع بذل الواجب (٢).

وهذا الخلق الذميم، نفاه الكريم الرحمن الرحيم عن نفسه المقدسة، حين قالت اليهود عليهم لعائن الله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ .... } [المائدة:٦٤].

وأخبر القرآن الكريم أن الله جل في علاه، لا يحب هذا الخلق الذميم، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (٣٦) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (٣٧)} [النساء:٣٦ - ٣٧]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤)} [الحديد:٢٣ - ٢٤].

وأخبر القرآن الكريم أيضاً , أن النفس الطاهرة الزكية، هي النفس التي تخلصت من هذا الداء الدفين , فقال تعالى: {وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)} [التغابن:١٦].


(١) أبو السعود: إرشاد العقل السليم: (٢/ ١٢٠)
(٢) أبو حيان: البحر المحيط، دار الفكر - بيروت، ١٤٢٠ هـ، ت: صدقي جميل، ص (٣/ ٤٥١)

<<  <   >  >>