للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وغيرهم في معنى قوله: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} أي: ما ينبغي لنبي أن يخون (١)، وقيل في سبب نزولها: عن ابن عباس قال: اتهم المنافقون رسول الله بشيء فُقِدَ، فأنزل الله عز وجل: ... {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ}.

يقول الإمام ابن كثير:" وقد روي من غير وجه عن ابن عباس نحو ما تقدم، وهذا تبرئة له - صلوات الله وسلامة عليه - عن جميع وجوه الخيانة في أداء الأمانة، وقسم الغنيمة، وغير ذلك " (٢).

وذهب الإمام الطبري إلى أن المراد من الآية: هو النهي عن الغلول، وأخبر سبحانه وتعالى عباده أن الغلول ليس من صفات أنبيائه بقوله {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} (٣).

فالنهي في الآية منصب على المؤمنين، وأن من غلّ من الغنائم فقد خان ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة، فيفضح يوم القيامة على رؤوس الأشهاد، بأن يأتي بالشيء الذي غلّ في الدنيا (٤). فمن علم بالفضيحة على رؤوس الأشهاد، والمجازاة على فعل القبائح والمنكرات، انزجر عن فعلها، وانكف عن ممارستها.

يقول الإمام الرازي في قوله تعالى: {ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٦١)}:"هلاّ قيل: ثم يوفى ما كسب ليتصل بما قبله؟ والجواب: الفائدة في ذكر هذا العموم، أن صاحب الغلول إذا علم أن هاهنا مجازياً يجازي كل أحد على عمله، سواء كان خيراً أو شراً، علم أنه غير متخلص من بينهم، مع عظم ما اكتسب" (٥).


(١) الطبري: جامع البيان: ص (٧/ ٣٤٨)، ابن أبي حاتم تفسير ابن أبي حاتم، (٣/ ٨٠٣).
(٢) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (٢/ ١٥١)
(٣) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (٧/ ٣٥٤)
(٤) ابن عطية: المحرر الوجيز، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (١/ ٣٥٦)
(٥) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٩/ ٤١٤)

<<  <   >  >>