للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الدار الباقية في الآخرة، فالله يقول: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}، فالجنة ليست داراً للمتكبرين المتجبرين.

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اخْتَصَمَتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ إِلَى رَبّهِمَا، فَقَالَتِ الجَنَّةُ: يَا رَبِّ، مَا لَهَا لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ، وَقَالَتِ النَّارُ: - يَعْنِي - أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي، أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا» (١).

فعالج القرآن الكريم داء الكبر والطغيان، بالتذكير بالوقوف بين يدي الديان، ولذا قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (٨)} [العلق:٦ - ٨].

فإذا كان المرجع والمآب في الآخرة إلى الرب جل جلاله، فلا مكان للطغيان لأن الرجعى إليه، والعتبى لديه، فيجازيك على طغيانك.

وفي الآية تهديد، وزجر، ووعيد، لهذا الإنسان من عاقبة الطغيان، وهو عام لكل طاغ متكبر (٢).

ز) يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٦١)} [آل عمران:١٦١].


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد ح (٧٤٤٩)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون ح (٢٨٤٦).
(٢) الرازي: مفاتيح الغيب: (٣٢/ ٢٢١)، الخازن: لباب التأويل: (٤/ ٤٤٨).

<<  <   >  >>