للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٨ - يورث مراقبة الله جل وعلا]

إذا علم المرء بأن الله تعالى مطلع عليه محص عليه كل ما يعمل، موكل به ملكين يكتبان أعماله {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)} [ق:١٨]، أورثه ذلك خوفاً وذلاً، ومراقبة لله عز وجل، ولذا يقول الإمام أبو الوليد الباجي في نصيحته لولديه:" وإياكما ومواقف الخزي وكل ما كرهتما أن يظهر عليكما فاجتنباه، وما علمتما أن الناس يعيبونه في الملأ فلا تأتياه في الخلاء " (١).

فهي تربية على مراقبة الله جل وعلا، في السر والعلن.

وينبغي أن تستولي مراقبة الله تعالى، على جميع حركات المرء وسكناته وخطراته ولحظاته، وأقواله وأفعاله، فمن راقب الله تعالى، كان في حرز منيع من خطوات الشياطين، وسبل المضيعين.

والمراقبة من أشرف المقامات وأفضلها (٢)، وتكون في ثلاثة أشياء:

مراقبة الله تعالى في طاعته بالعمل، ومراقبة الله تعالى في معصيته بالترك ومراقبة الله في الهم والخواطر (٣)، ومراقبة الله في الخواطر، سبب لحفظها في حركات الظواهر، فمن راقب الله في سره، حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته (٤).

يقول الإمام ابن القيم:" والمراقبة هي التعبد باسمه الرقيب، الحفيظ العليم، السميع، البصير، فمن عقل هذه الأسماء، وتعبد بمقتضاها حصلت له المراقبة " (٥).


(١) الباجي: النصيحة الولدية، دار الوطن - الرياض، ط ١ ١٤١٧ هـ، ص (٢٢)
(٢) المحاسبي: آداب النفوس،، دار الجيل - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٥٢)
(٣) المحاسبي: رسالة المسترشدين، مكتب المطبوعات الإسلامية - بيروت، ط ٢ - ١٣٩١ هـ، ص (١٨١)
(٤) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ ١٤١٦ هـ (٢/ ٦٦)
(٥) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ ١٤١٦ هـ (٢/ ٦٦)

<<  <   >  >>