للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وموجبات الخوف من الله جل جلاله أمور: فتارة "يكون لمعرفة الله تعالى ومعرفة صفاته، وأنه لو أهلك العالمين لم يُبال، لو يمنعه مانع، وتارة يكون لكثرة الجناية من العبد بمقارفة المعاصي، وتارة يكون بهما جميعاً، وبحسب معرفته بعيوب نفسه، ومعرفته بجلال الله واستغنائه، وأنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فتكون قوة خوفه، فأخوف الناس لربه، أعرفهم بنفسه وبربه " (١).

يقول شيخ الإسلام: "إن الخوف من الله يستلزم العلم به، فالعلم به يستلزم المشيئة، وخشيته تستلزم طاعته، فالخائف من الله، ممثل لأوامره مجتنب لنواهيه " (٢).

وكلما نقص مقدار الخوف من الله تعالى، حصل الاجتراء على محارم الله. "ونقصان الخوف من الله، إنما هو لنقصان معرفة العبد به، فأعرف الناس أخشاهم لله، ومن عرف الله اشتد حياؤه منه، وخوفه له، وحبه له، وكلما ازداد معرفة، ازداد حياء، وخوفاً، وحبا، فالخوف من أجل منازل الطريق" (٣).

وعلامة الخوف من الله تعالى: ترك جميع ما كره الله تعالى (٤)، ولذا كان الخوف من الله تعالى على مقامين:

"أحدهما: الخوف من عذابه، والثاني: الخوف منه.

فأما الخوف منه: فهو خوف العلماء وأرباب القلوب، العارفين من صفاته ما يقتضي الهيبة والخوف والحذر، المطلعين على سر قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران:٢٨].

وأما الأول: فهو خوف عموم الخلق، وهو حاصل بأصل الإيمان بالجنة والنار، وكونهما جزاءين على الطاعة والمعصية" (٥).


(١) الغزالي: إحياء علوم الدين، دار المعرفة - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٤/ ١٥٥).
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (٧/ ٢٤)
(٣) ابن القيم: طريق الهجرتين، دار السلفية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٩٤ هـ، ص (٢٨٣).
(٤) الحارث المحاسبي: أدآب النفوس، دار الجيل - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (١٥٠).
(٥) الغزالي: إحياء علوم الدين، دار المعرفة - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٤/ ١٦٨).

<<  <   >  >>