للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد دل على وجوب محاسبة النفس قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨)} [الحشر:١٨] قال الإمام ابن القيم:" والمقصود من هذا النظر: ما يوجبه ويقتضيه، من كمال الاستعداد ليوم المعاد، وتقديم ما ينجيه من عذاب الله، ويبيض وجهه عند الله " (١)، ولذا فإن صلاح القلب، بمحاسبة النفس، وفساده بإهمالها ... والاسترسال معها (٢).

وقد ذكر الأئمة جملة من الفوائد والمصالح المترتبة على محاسبة العبد لنفسه ومنها:

١ - اطلاع النفس على عيوبها.

٢ - وأن يعرف العبد بذلك، حق الله تعالى عليه.

٣ - وتضعف الأعمال السيئة وتوقفها.

٤ - وتحض الإنسان على أعمال الخير.

٥ - وتخلص النفس من العجب، ورؤية العمل.

٦ - وتفتح للإنسان باب الذل والانكسار، والخضوع لله تعالى.

٧ - وتوجب للإنسان أن يمقت نفسه، ويعلم أن النجاة لا تحصل إلا بعفو الله ورحمته (٣).

وكل ما ذكر هو أثر من آثار استحضار الآخرة، ومشاهدة أحوالها وأهوالها ولذا انعكست هذه المحاسبة على نفوس المؤمنين، فأصبحوا في مخاصمة مع النفس، يسعون لأطرها على الحق أطراً، فهذا إبراهيم النخعي الإمام الزاهد العابد، يقول: ما قرأت هذه الآية قط إلا ذكرت الماء البارد: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ:٥٤] (٤).


(١) ابن القيم: مدارج السالكين، دار الكتاب العربي - بيروت، ط ٣ ١٤١٦ هـ (١/ ١٨٧)
(٢) ابن القيم: إغاثة اللهفان، مكتبة المعارف - الرياض، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (١/ ٨٤)
(٣) ابن القيم: إغاثة اللهفان، مكتبة المعارف - الرياض، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (١/ ٨٤)
(٤) ابن سعد: الطبقات الكبرى، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤١٠ هـ، (٦/ ٢٨٦)

<<  <   >  >>