للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان الأقدمون " يعتقدون أن هناك عالماً آخر، هو عالم الأموات، وأن الأحياء إذا ماتوا، وآلهتهم عنهم راضية، تمنح أرواحهم معرفة الغيب وقدرة على التأثير في الكون، والمشاركة في تصريفه وتدبيره، بمجرد مغادرتها الأجسام، وقد استمرت هذه الديانة حتى جاءت ديانة الفاتحين، وهي البرهمية، فنسختها وحلت محلها " (١).

والبرهمية الهندوسية ثم من بعدها البوذية، انتحلتا القول بالتناسخ أو جولان الروح، قال الشهرستاني: "التناسخ هو أن تتكرر الأكوار والأدوار إلى ما لا نهاية له، ويحدث في كل دور مثل ما حدث في الأول، والثواب والعقاب في هذه الدار، لا في دار أخرى لا عمل فيها، والأعمال التي نحن فيها، إنما هي أجزية على أعمال سلفت منا في الأدوار الماضية " (٢).

ولما قرر الشهرستاني مذاهب القائلين التناسخ قال: "وما من ملة من الملل إلا وللتناسخ فيها قدم راسخ، وإنما تختلف طرقهم في تقرير ذلك، فأما تناسخية الهند فأشد اعتقاداً لذلك" (٣).

وممن نُسب إليهم القول بالتناسخ:

فرقة الحرنانية من الصابئة، وكذا بعض اليهود، وفرقة البيانية التي تنسب إلى بيان بن سمعان، والحربية أتباع عبد الله بن عمرو بن حرب الكندي وكذا فريق من السمنية،" أجازوا أن ينقل روح الإنسان إلى كلب، وروح الكلب إلى إنسان" (٤)، وكذا المانوية أتباع ماني، قد ذهبت إلى القول بالتناسخ، ونقل بعضهم عن سقراط وأفلاطون وأتباعهما من الفلاسفة القول بتناسخ الأرواح (٥).


(١) يسر مبيض: اليوم الآخر، دار الثقافة - قطر، ط ١ ١٤١٢ هـ، ص (٣٥).
(٢) الشهرستاني: الملل والنحل، مؤسسة الحلبي، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٢/ ١١٣)
(٣) الشهرستاني: الملل والنحل، مؤسسة الحلبي، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٣/ ١٠٠)
(٤) البغدادي: الفرق بين الفرق، دار الآفاق الجديدة - بيروت، ط ٢ - ١٩٧٧ م، ص (٢٧٠).
(٥) الشهرستاني: الملل والنحل (٢/ ١١٣)، غالب عواجي، الحياة الآخرة (١/ ١٢٨ - ١٢٩).

<<  <   >  >>