للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أقيم في هذه العصور المتأخرة في بريطانيا، معرض تحت عنوان: رحلة إلى العالم الآخر، كتاب الموتى عند المصريين القدماء، وجمع المتحف البريطاني مجموعة فريدة من أوراق البردي، التي كتب عليها قدماء المصريين التفاصيل الدقيقة لما بعد الحياة، وقال أمين المتحف جون تايلود: الهدف الرئيسي حقا هو إعطاء الناس فهما أعمق لمعتقدات المصريين القدماء عن الحياة بعد الموت ... وإلقاء المزيد من الضوء على آمالهم ومخاوفهم.

وبردية جرينفلد: هي أكبر كتاب للموتى إذ يبلغ طولها سبعة وثلاثون متراً، وتعرض في المتحف البريطاني لأول مرة (١).

وهذا ما دعا المؤرخ اليوناني هيرودوت إلى أن يقول:" إن المصريين هم أول الشعوب التي اعتقدت بخلود النفس، فقد عُثر على نقوش مدونة على الأهرامات: أن النفس خالدة لا تموت" (٢).

ولم تكن بعض المعالم والعوالم التي يشاهدها المصريون في حياتهم، بمعزل عن الإيحاء إليهم، بإمكان تجدد الحياة والبعث.

ومن تلك المعالم التي كانوا يشاهدونها عياناً، نهر النيل، فهم يرون فيضانه يتجدد كل عام في موسم لا يخلفه، فيخصب التربة، وينبت البذرة، ويدفع دورة الحياة الزراعية دائماً دفعات جديدة، فبعد طول تأمل وتدبر، قدروا أن من يتعهد طبيعتهم بالحياة بعد وفاتهم، طالما أحبهم وأحبوه، وتقربوا إليه وقدسوه.

وكذا لم يغب عن خيالهم ما يرونه من عوالم الكون ومعالمه، فحين لاحظوا ما للشمس من أثر في دورة الحياة اليومية، وارتباط شروقها ببقية الكائنات بعد النوم، وبالحركة بعد الخمول، والرؤية بعد قلة الرؤية، فقدروا أن من يسيَّر الشمس لنفعهم في الدنيا، قادر على أن يوجهها لنفعهم في الآخرة (٣).


(١) من خبر منشور في جريدة الاقتصادية الإلكترونية: (www.aleqt.com) بتاريخ: ٥/ ١/١٤٣٢ هـ وعدد رقم (٦٢٧٠)
(٢) يسر مبيض: اليوم الآخرفي الأديان السماوية والديانات القديمة ص (٢٩).
(٣) عبد العزيز صالح: الشرق الأدنى القديم في بصرة العراق ص (٣٣٥ بتصرف).

<<  <   >  >>