للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنظر الرب جل وعلا يكون إلى القلوب، التي هي محل التقوى، وأوعية العلم والجواهر، وكنوز المعرفة، "فيا عجباً ممن يهتم بوجهه، الذي هو محمل نظر الخلق، فيغسله، وينظفه من ا لقذر والدنس، ويزينه بما أمكن لئلا يطلع فيه مخلوق على عيب، ولا يهتم بقلبه الذي هو محل نظر الخالق، فيظهره ويزينه؛ لئل يطلع ربه على دنس، أو غيره فيه، وعليه: فلا عبرة بحسن الظاهر، وزخرف اللسان، مع خبث الجنان" (١).

٩/ أن الله عز وجل، جعل من طبيعة تكوين هذا المخلوق، الأنس والوئام والمحبة والانسجام، والود والسلام، يقول تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ (٦١)} ... [الأنفال:٦١] حتى يستطيع أن يتعايش مع غيره في ود وأمان وسلام، وجعل كل ما يتجافى مع طبيعة الأنس فيه مرفوض مذموم، من العداوة والبغضاء، والحقد والحسد والجفاء، والظلم والاعتداء (٢).

١٠/ أن الله عز وجل، جعله أهلاً لحبه ورضاه، وأرشده في القرآن الكريم إلى ما يجعله خليقاً بهذا الحب.

١١/ أن الله عز وجل، جعله في معينة وقربه، وحفظه من السوء، متى كان قريباً من الله تعالى، متمسكاً بدينه (٣).

١٢/ أن الله عز وجل، أعد للمطيعين منهم من الكرامة في دار المقامة، ما لا يخطر على قلب، ولم تره عين، مع ما يحظون فيها، من التمتع بالنظر إلى وجه الله الكريم، ويحظون بالرضوان، والفضل العظيم، والنعيم المقيم.

وبذا نعرف أنه ليست " هناك قيمة مادية في هذه الأرض، تعلو على قيمة الإنسان، أو تهدد من أجلها قيمته" (٤).


(١) المناوي: فيض القدير، المكتبة التجارية الكبرى - مصر، ط ١ ١٣٥٦ هـ (٥/ ٤٩)
(٢) انظر: على مصطفى صبح: المذاهب الأدبية، مكتبة تهامة - جدة، ط ١ ١٤٠٤ هـ، ص (٨٧).
(٣) ابن حميد: نضرة النعيم، دار الوسيلة - جدة، ط ٤ (٤/ ١١٣٩ - ١١٤١).
(٤) سيد قطب: خصائص التصور الإسلامي، دار الشروق، ١٩٩٥ م، ص (١٢٤).

<<  <   >  >>