للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهؤلاء لا يعتد بهم في المسألة، ولا في الفلسفة، فهم زعموا أنه هذا الهيكل المحسوس بماله من المزاج والقوى والأعراض، وأن ذلك يفنى بالموت وزوال الحياة، ولا يبقى إلا المواد العنصرية المتفرقة، وأنه لا إعادة للمعدوم.

وهذا معلوم الفساد، وفيه تكذيب للعقل على ما يراه المحققون من أهل الفلسفة، وتكذيب للشرع على ما يراه المحققون من أهل الملة (١).

يقول جل وعلا في بيان حقيقة المكذبين بالبعث والمعاد: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٢٤)} [الجاثية:٢٤] وهذه الآية تشمل طائفتين من الفلاسفة المنكرة للمعاد:

الأولى: الفلاسفة الدهرية والطبائعية.

الثانية: الفلاسفة الدهرية الدورية.

وللسلف في معنى الآية الكريمة تفسيران:

الأول: معنى قولهم: (نموت ونحيا): أي: يموت الآباء ويحيا الأبناء هكذا أبداً، وهو قول الطائفة الأولى.

والثاني: أنهم عنوا كونهم يموتون ويحيون هم أنفسهم، ويتكرر ذلك منهم أبداً، ولا حساب ولا جزاء، بل ولا موجد ولا معدم ولا محاسب ولا مجازي، وهذا قول الدورية (٢).

٢ - الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان، وهو قول الفلاسفة الإلهيين ... فقالوا: إن الأجساد لا تحشر وإنما المثاب والمعاقب هي الأرواح المجردة والمثوبات والعقوبات روحانية لا جسمانية (٣).


(١) التفتازاني: شرح المقاصد في علم الكلام، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٢/ ٢١٠)
(٢) حافظ الحكمي: معارج القبول (٢/ ٧٧٦)، الغزالي: المنفذ من الضلال: (١٣٥)
(٣) الغزالي: المنقذ من الضلال: (١٦٤)، الإيجي:: (٣/ ٤٧٩)

<<  <   >  >>