للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام ابن الجوزي: "وقد أنكرت الفلاسفة بعث الأجساد، ورد الأرواح إلى الأبدان، ووجود جنة ونار جسمانيين، وزعموا أن تلك أمثلة ضربت لعوام الناس، ليفهموا الثواب والعقاب الروحانيين، وزعموا أن النفس تبقى بعد الموت بقاء سرمدياً أبداً، إما في لذة لا توصف وهي الأنفس الكاملة، أو ألم لا يوصف، وهي النفوس المثلوثة" (١).

فهؤلاء المتفلسفة يقولون: إن ما أخبرت به الرسل من أمر المعاد، إنما هي أمثال مضروبة، لتفهيم المعاد العقلي، واللذة والألم العقليين، فيجعلون النصوص الشرعية الواردة في البعث والمعاد من قبيل التخييل والتمثيل الخالية عن الحقائق، وإنما جاء بها الأنبياء والرسل من ربهم جل وعلا لأمور:

١ - لتفهيم المعاد الروحاني، وما يقوم بالنفس بعد الموت من اللذة والألم.

٢ - أن فيه مصلحة العامة، حتى يرتدعوا، ولذا صرحوا بأن الرسل تكذب للمصلحة.

٣ - وفيه تفيهم لمعنى الرب والملائكة وغير ذلك (٢).

وقولهم هذا: أن الحقائق في مقام الأمثال، هو تحكم بلا دليل (٣)، مخالف لاعتقاد المسلمين كافة، قال الإمام الغزالي: "ولقد صدقوا في إثبات الروحانية، فإنها كائنة أيضاً، ولكن كذبوا في إنكار الجسمانية، وكفروا بالشريعة فيما نطقوا به" (٤).


(١) ابن الجوزي: تلبيس إبليس، دار الفكر - بيروت، ط ١ ١٤٢١ هـ، ص (٤٥)
(٢) ابن تيمية: بغية المرتاد (٢٧٩)، ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل (٦/ ٢٤٢)، (ذكر شيخ الإسلام: أن عمدة شبهة الملاحدة المنكرون للمعاد كلها تعود إلى ما ينفي على الرب أو قدرته أو مشسيئته أو حكمته، ونفي العي يثبت هذه الصفات فتنتفي أصول شبهتهم)، انظر: ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل، جامعة الإمام محمد بن سعود - السعودية، ط ٢ - ١٤١١ هـ (٧/ ٣٨٤)
(٣) ابن الجوزي: تلبيس إبليس، دار الفكر - بيروت، ط ١ ١٤٢١ هـ، ص (٤٥)
(٤) الغزالي: المنقذ من الضلال، (١٤٧)، الغزالي: تهافت الفلاسفة ص (٢٨٢)

<<  <   >  >>