للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبقايا أهل الكتاب كانوا يؤمنون بالمعاد إيماناً عاماً مجملاً، يجهلون كثيراً من حقائقه، ولا يقرون بحقوقه، ولذا قال تعالى عنهم: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} [التوبة:٢٩].

وهنا أورد سؤالاً مفاده: كيف يُفهم معنى هذه الآية الكريمة، مع ما عُلم من أن أهل الكتاب يؤمنون بالله واليوم الآخر؟

فأجيب عنه بأوجه (١):

١ - بأنهم لا يؤمنون بهما على ما ينبغي، فصار إيمانهم كلا إيمان، فإنهم في اليوم الآخر على خلاف ما يجب، حيث يزعمون أن لا أكل في الجنة ولا شرب، ولا نكاح، واعتقادهم بعثة الأرواح دون الأجساد.

قال أبو حيان:" والمنقول عن اليهود والنصارى إنكار البعث الجسماني، فكأنهم يعتقدون البعث الروحي" (٢)، ولما كان اليهود والنصارى منكرين لهذا المعنى، ثبت كونهم منكرين لليوم الآخر (٣).

٢ - أن كفرهم ككفر من لا يؤمن بالله واليوم الآخر في عظم الجرم.

٣ - أن إقرارهم باليوم الآخر يوجب بجميع حقوقه، فكانوا يترك الإقرار بحقوقه كمن لا يقرب به.

٤ - أنه ذمهم ذم من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر للكفر بنعمته، وهم في الذم بالكفر كغيرهم.

وأسباب العناية باليوم الآخر في القرآن كثيرة منها:


(١) المارودي: النكت والعيون: (٢/ ٣٥٠)، السمعاني: تفسير القرآن،: (٢/ ٣٠١)، البغوي: معالم التنزيل: (٢/ ٣٣٥)، ابن عطية: المحرر الوجيز: (٣/ ٢١ ( ... .
(٢) أبو حيان: البحر المحيط، دار الفكر - بيروت، ١٤٢٠ هـ، ت: صدقي جميل، ص (٥/ ٣٩٩).
(٣) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (١٦/ ٢٥).

<<  <   >  >>