للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - بروز راية المنكرين للبعث والمعاد، فإن المنكرين له كثيرون، بخاصة في زمن التشريعات المكية، التي كانت راية الإنكار فيه ظاهرة ... وبروز المجادلة فيه بينة، فلما كان المنكرون له كثيرون، وكان النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء والرسل، وكان قد بُعث هو والساعة كهاتين وكان هو الحاشر المقفي، بين تفصيل الآخرة بياناً لا يوجد في شيء من كتب الأنبياء (١).

ومن هنا كان من الأمور البديهية أن ينزل القرآن بتلك الحجج القوية ليشد من أزر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مواجهة السيل الجارف من الجحود لليوم الآخر (٢).

ومن المناهج الجدلية في القرآن التي عالجت هذا الجانب المفرط في التكذيب والإنكار لليوم الآخر:

- إيراد الحجج والبراهين الدامغة في الرد عليهم.

- إيراد الشبه والدعاوي الباطلة التي ترد على ألسنة هؤلاء المكذبين والمشككين، فيتولى القرآن الكريم دحضها والرد عليها.

وكان من الممكن أن يعرض القرآن الكريم عن مجادلة منكري البعث فيثبت حقيقته مباشرة بمختلف الأدلة الحسية والعقلية دون الالتفات إلى ما أثاره المشركون من شبه، ولكنه عمد إلى عرض شبه المنكرين وجادلهم لمرامي عظيمة، تهدف إلى الإجابة عن كافة التساؤلات التي من الممكن أن تشغل الفكر الإنساني على مر الزمان (٣).

٢ - حاجة الناس الملحة لمعرفة بعض المعارف الإلهية المتعلقة بالمعاد، فكما أن الفكر الإنساني تطلع لمعرفة المبدأ، فكذلك كان هو أشد تطلعاً لمعرفة المعاد وكيف يكون؟ وما فيه من أخبار وأحوال؟

ولما كان الوصول لهذه المعارف محصوراً في الوحي دون غيره من مفيدات العلم، ومدركات المعرفة أفاض القرآن الكريم بذكر أخبار المعاد وتفاصيله ومجريات أحداثه، على وجه يكشف الحجب عما تطلعت إليه النفس البشرية من معارف.


(١) ابن أبي العز: شرح الطحاوية، وزارة الأوقاف السعودية، ط ١ ١٤١٨ هـ، ص (٤٠٤ بتصرف).
(٢) غالب عواجي: الحياة الآخرة، دار لينة - مصر، ط ١ ١٤١٧ هـ (١/ ٧٦).
(٣) بدرية العثمان: من بلاغة القرآن الكريم، دار الراية - الرياض، ط ١ ١٤١٧ هـ، ص (١٨١).

<<  <   >  >>