للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما تمام هذه الهداية: فلأنها احتوت أرقى وأوفى ما عرفت البشرية، وعرف التاريخ من هدايات الله والناس، وانتظمت كل ما يحتاج إليه الخلق في العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات على اختلاف أنواعها، وجمعت بين مصالح البشر في العاجلة والآجلة، ونظمت علاقة الإنسان بربه وبالكون الذي يعيش فيه، ووفقت بطريقة حكيمة بين مطالب الروح والجسد.

وأما وضوح هذه الهداية: فلعرضها عرضاً رائعاً مؤثراً، توافرت فيه كل وسائل الإيضاح، وعوامل الإقناع (١).

ومن هذا المنطلق: يمكننا الوصول إلى بعض مكامن النور والحق والهداية والبيان في هذا القرآن العظيم، ونبين أوجه وطرق هداية القرآن، وبيانها للأدلة النقلية العقلية التي تخاطب الشعور والوجدان تارة، وتخاطب العقول تارة أخرى، فمن مميزات طرق الهداية في القرآن الكريم:

شمولها في البيان، فما احتاج الناس لشيء مما يهمهم، أو يشغل بالهم إلا وفي القرآن بيانه، سواء كان فيما يحتاجونه من أمور معاشهم أو معادهم. ولذا نجد أن القرآن في شموله تحدث عن:

الإلهيات وما يتعلق بها، وأفاض في ذكر الشواهد الدالة عليها، ودحض شبه المنكرين لها، كل ذلك بأوجه إقناعية ميسرة، إذ القرآن الكريم، يميل ... إلى اليسر والسهولة وينأى عن التعقيد والصعوبة. (٢)

وتحدث القرآن عن المعاد واليوم الآخر وما فيه من أهوال وشدائد، كل ذلك بأسلوب عقلي يوافق الفطر السليمة، وتتوافق معه النفوس المستقيمة.

وقد قيل: إن للقرآن طريقة موحدة في التعبير، يتخذها في أداء جميع الأغراض على السواء، حتى أغراض البرهنة والجدل، تلك هي طريقة التصوير التشخيصي، بوساطة التخييل والتجسيم (٣).


(١) محمد سبتان: تقويم أساليب تعليم القرآن الكريم، من إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف (٥٣).
(٢) عبدالعظيم المطعني: خصائص التعبير القرآني، مكتبة وهبه، ط ١ ١٤١٣ هـ (١/ ٤٥٦).
(٣) سيد قطب: التصوير الفني في القرآن، دار الشروق، ط ١٦ ٢٠٠٢ م، ص (٢٣٩).

<<  <   >  >>