وهذه الطريقة تصدق على بعض المعاني القرآنية دون بعض، فالمعاد لما كان إثبات وقوعه وإمكانه ثابتاً، وجدنا أن القرآن الكريم، أثبته بصور عقلية تارة وبصور حسية تارة أخرى.
ولذا نجد في القرآن صورة تشخيصية ماثلة أمام منكري البعث حينما قالوا: {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٤٩)} [الإسراء:٤٩] فاستبعدوا بعقولهم الفاسدة، البعث بعد الموت، بعد أن تصبح عظامهم تراباً وحطاماً فكان منبع قولهم الإنكار، فرد الله تعالى عليهم فقال: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (٥٠) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ .. } [الإسراء:٥١] أي: قل لهم يا محمد كونوا حجارة أو حديداً، في الشدة والقوة، وليس هذا بأمر إلزام، بل هو أمر تعجيز، أي استشعروا في قلوبكم أنكم حجارة أو حديدا في القوة، أو خلقاً مما يكبر في صدوركم، فقيل: السماء والأرض والجبال، وقيل: إنه الموت، فإنه ليس في نفس ابن آدم شيء أكبر من الموت، أي: ولو كنتم الموت بعينه لأميتنكم ولأبعثنكم {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا} من يبعثنا بعد الموت. {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}: خلقكم أول مرة، ومن قدر على الإنشاء قدر على الإعادة (١).
وأيضاً تحدث القرآن عن النبوات، وما جرى للأنبياء مع أقوامهم، وسرد أدلة وبراهين أدلة إثبات النبوة والرسالة بما أجرى على أيديهم من المعجزات، وما تمثل في أشخاصهم الشريفة الطاهرة، التي علم الله تعالى، نزاهتها وصلاحها للرسالة فاختارها جل وعلا لرسالته فقال:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ .. }[الأنعام:١٢٤].
ومن مميزات طرق الهداية في القرآن الكريم:
(١) البغوي: معالم التنزيل، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ١ ١٤٢٠ هـ، (٣/ ١٣٨).