للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكرالإمام ابن القيم في معرض حديثه عن الصحابة ومنافحته عنهم، ما اشتمل عليه القرآن الكريم من تفاصيل الأخبار مما لم يُذكر في كتاب قبله فقال: " وذِكرِ اليوم الآخر وتفاصيل أحواله، وذكر الجنة وتفاصيل نعيمها والنار وتفاصيل عذابها، وذكر البرزخ وتفاصيل أحوال الخلق فيه، وذكر أشراط الساعة والإخبار بها مفصلاً بما لم يتضمنه كتاب غيره، من حين قامت الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها" (١).

٦ - وكذا فإن "القرآن يحدث المؤمنين عن اليوم الآخر، ويجسمه لهم كأنما يرونه اللحظة أمامهم، ويعيشون مشاهده الحية بوجدانهم بل بلغ من إعجاز القرآن في تصوير مشاهد القيامة أن يحس الإنسان كأنما يوم القيامة هو الحاضر الماثل، وكأنما الدنيا ماض قد انقضى وانطوى من زمان بعيد! " (٤).

٧ - و " كان النبي يحدثهم عن اليوم الآخر وأحوال الحشر، وما ينتظر الكفار من ألوان العذاب البشع، وما ينتظر المؤمنين من ألوان المتاع التي لا تخطر على قلب بشر، ويعلمهم أن طاعة الله ورسوله هي الطريق إلى هذا المتاع الخالد الدائم، وأن الكفر بالله ورسوله هو طريق النار " (٢).

٨ - ولما كان لهذا اليوم العظيم، والمشهد الرهيب، الذي تحكيه أحداثه وتفاصيله العظيمة، أثر كبير في نفوس البشر، مما يعود نفعه عليهم بتقوية سلوكهم، وتصحيح مساراتهم، وتنقية حياتهم وتصفيتها من الشوائب التي كدرت معيشتهم وعكرت طريقهم، أحببت أن أسهم في بيان حقيقة هذا اليوم العظيم وبيان أخباره وتفاصيل أحداثه، وإظهار مذهب السلف في هذا الباب الذي يُعرف عند المتكلمين بالسمعيات. وكان الاختيار منصبا على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وأصّله عن اليوم الآخر في كتابه الموسوم العقيدة الواسطية، التي كُتب لها القبول، واعترف بفضلها القاصي والداني، حتى جرت له لأجلها مناظرات عديدة، أشار إليها شيخ الإسلام وقيّدها، وأبان عن الحقائق والتفاصيل التي جرت له بسببها.


(١) ابن القيم: هداية الحيارى ت: محمد أحمد الحاج (٢/ ٤٤٤).
(٤) محمد قطب: منهج التربية الإسلامية (٢/ ٢٨٩).
(٢) محمد قطب: منهج التربية الإسلامية (٢/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>