للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا حين تقلب صفحات القرآن الكريم، فإنك تعيش مشاهد القيامة واقعا حقيقيا، يلامس وجدانك، ويحرك شعورك، فتظهر صورتها ماثلة أمامك فيرجف فؤادك، ويخفق قلبك، وترتعد فرائصك، فتعلم أن كل تلك المشاهد، حق لا ريب فيها، وصدق لا مرية تعتريها، وهي واقعة قطعا شرعا وعقلا، حتى الفطر السليمة المستقيمة، تُسلم بوجود هذا اليوم العظيم الذي تنكشف فيه الحقائق، وتظهر فيه الدقائق، يقول المولى جل وعلا: ... {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠)} [العاديات:٩ - ١٠] قال الزجاج: " والمعنى: أفلا يعلم إذا بعث الموتى " (١)؛ ليتميز وينكشف حال المحسن والمسيء، ومن هنا قال: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (١٠)} فإن " كثيرا ما يكون باطن الإنسان بخلاف ظاهره، أما في يوم القيامة، فإنه تنكشف الأسرار، وتنتهك الأستار، ويظهر ما في البواطن، كما قال {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)} [الطارق:٩] " (٢)، {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)} [العاديات:١١] أي " لخبير عالم بما أعلنوا وما أسروا، فيجازيهم عليه " (٣).

إن القلب السليم، يعلم ويوقن بأن الله تعالى حق، والساعة حق، وأن الله يبعث من في القبور (٤).


(١) الزجاج: معاني القرآن وإعرابه، عالم الكتب - بيروت، ط ١ - ١٤٠٨ هـ، ص (٥/ ٣٥٤)
(٢) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ - ١٤٢٠ هـ (٣٢/ ٢٦٣).
(٣) البيضاوي: أنور التنزيل (٥/ ٣٣١)، ابن عطية: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٥/ ٥١٥ (.
(٤) ابن أبي حاتم: تفسير ابن أبي حاتم (٨/ ٢٧٨٣).

<<  <   >  >>