للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثبت عن سلمان رضي الله عنه أنه قيل له:" قَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ فَقَالَ:" أَجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ، أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ بِعَظْمٍ" (١).

وقال الإمام النووي:" ومراد سلمان رضي الله عنه أنه علمنا كل ما نحتاج إليه في ديننا حتى الخراءة التي ذكرت أيها القائل، فإنه علمنا آدابها فنهانا فيها عن كذا وكذا " (٢).

وهذا دليل من أدلة كمال هذه الشريعة الغراء، فهي ولله الحمد كاملة من كل وجه، ليس فيها نقص، ولا تحتاج إلى أحد يكملها، وفيه رد على السفهاء الذين يزعمون أن الشريعة الإسلامية إنما تنظم العبادة بين الله وبين الخلق فقط، وأما المعاملات بين الناس بعضهم بعضاً، فإن الشريعة لا تعتني بها، فيقال لهؤلاء: تباً لكم، وسفهاً لعقولكم، أطول آية في كتاب الله العزيز كلها في المداينة في التعامل بين الناس، وهل بعد هذا من اعتناء، وما أكثر الآيات في القرآن الكريم في تنظيم المال وإصلاحه، وما أشبه ذلك، وكذلك في السنة فالشريعة الإسلامية ولله الحمد كاملة من كل وجه (٣).

ومما سبق يتبين مدى عناية النبي صلى الله عليهم وسلم ببيان كل ما يحتاجه المسلم من أمور معاشه ومعاشه معاده، وقد برزت صور من العناية الفائقة ببيان أخبار الآخرة في السنة النبوية، وهذا البيان الباهر، والاعتناء الظاهر بأحوال اليوم الآخر له صور وأسباب.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الفتن وأشراط الساعة باب أخبار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة ح (٢٨٩١) ت: محمد فؤاد عبد الباقي.
(٢) النووي شرح صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٢ - ١٣٩٢ هـ (٣/ ١٥٤).
(٣) العثيمين: شرح رياض الصالحين، دار الوطن - الرياض، ١٤٢٦ هـ (٤/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>