للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ عبد الواحد الشيرازي: وإن أنكره فهو حشيشي، معطلي دهري (١).

ومع إنكار هؤلاء للمعاد، نجد أن الله تعالى بيّن" في كتابه، وعلى لسان رسوله أمر معاد الأرواح والأجساد، ورد على الكافرين والمنكرين لشيء من ذلك بياناً تاماً غاية التمام والكمال" (٢)، فقرر حقيقة البعث وأخبر عن وقوعه وإمكانه، ورد على شبه المنكرين الجاحدين له، بإيراد الأدلة والبراهين اليقينية القاطعة، وحاجهم بالأدلة العقلية، وألزمهم بما لا يمكن الانفكاك عنه.

وقد عمد القرآن الكريم في استدلالاته على البعث والمعاد،" بالأمور الحسية البديهية، التي لا يعجز العقل البشري عن إدراكها، يقرؤها الدهماء فلا تعلو على أفهامهم، ويمعن النظر فيها العلماء والحكماء، فيستنبطون منها الحقائق الصادقة، والحجج الملجمة، وكلما ازداد فيها المتبصر نظراً، زادته استبصاراً وعلماً على ما يهتدي إليه بنفسه" (٣).

ولذا وبخ الله عز وجل الكافرين المنكرين الجاحدين لأمر البعث والمعاد، فقال سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام: {وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَاباً أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} الرعد ٥، أي: إن تعجب يا محمد من تكذيبهم لك، بعدما كنت عندهم الصادق الأمين، فأعجب منه تكذيبهم بالبعث، وقيل المعنى: أي إن عجبت يا محمد من إنكارهم الإعادة مع إقرارهم بأني خالق السماوات والأرض والثمار المختلفة من الأرض الواحدة، فقولهم عجب يعجب منه الخلق، لأن الإعادة في معنى الابتداء (٤).


(١) الشيرازي: امتحان السني من البدعي، دار الإمام مالك - ابوظبي ت: د. فهد المقرن، ص (٢٦٩).
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف (٤/ ٣١٤).
(٣) بدرية العثمان: من بلاغة القرآن الكريم في مجادلة منكري البعث، ص (١٨٢).
(٤) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (٩/ ٢٨٤).

<<  <   >  >>