للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - وقال جل وعلا: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦)} [المائدة:١١٦].

اختلف المفسرون في وقت هذا الخطاب، هل هو في الدنيا أم في الآخرة؟

فذهب إلى الأول: السدي وصوبه ابن جرير الطبري، وأن الخطاب كان حين رفعه إلى السماء.

وذهب إلى الثاني قتادة، ورجحه ابن كثير، وقال:"والذي قاله قتادة وغيره هو الأظهر والله أعلم: أن ذلك كائن إلى يوم القيامة، ليدل على تهديد النصارى وتقريعهم وتوبيخهم على رؤوس الأشهاد يوم القيامة " (١).

وهذه العقيدة الصافية التي ذكره القرآن الكريم، هي العقيدة التي أكدها المسيح عليه السلام، وبين أنه في الآخرة سيمضي الناس فريقين: هؤلاء إلى عذاب أبدي، والأبرار إلى حياة أبدية.

ثم ذكر المسيح شيئاً من عذاب الآخرة فقال: إن أعثرتك يدك فاقطعها خير لك أن تدخل الحياة أقطع، من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم، إلى النار التي لا تطفأ، حيث دودهم لا يموت، والنار لا تطفأ، وإن أعثرتك عينك فاقلعهما خير لك أن تدخل ملكوت الله أعور، من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار، حيث دودهم لا يموت، والنار لا تطفأ.

وكذلك ذكر المسيح شيئاً من نعيم الآخرة، وأن في الآخرة، منازل كثيرة، وإلا فإني كنت قد قلت لكم أنا أمضي لأعد لكم مكاناً (٢).


(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، ت: سامي سلامة (٣/ ٢٣٢).
(٢) الشوكاني: إرشاد الثقات، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٠٤ هـ، ص (١٢ - ١٣)، لواء أحمد عبدالوهاب: الإسلام والأديان ص (٥٠)، الخلف: دراسات في الأديان ص (٣٣٤)

<<  <   >  >>