للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن كل حادث فهو فان، وكل ماله بدء فله نهاية {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}،" هذا هو الناموس الذي يحكم الحياة وهذه هي السنة التي ليس لها استثناء، فما أجدر الأحياء أن يحسبوا حساب هذا المذاق، إنه الموت نهاية كل حي وعاقبة المطاف للرحلة القصيرة على الأرض وإلى الله يرجع الجميع" (١).

٤ - ومما يدل على اهتمام القرآن الكريم بأمر الموت، أن الله جل وعلا أضافه إليه فقال سبحانه: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (٢٣)} [الحجر:٢٣] وقال سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (٤٣)} [ق:٤٣].

فالله عز وجل يميت جميع الخلائق، فلا يبقى حي سواه جل في علاه والوارث من صفات الله تعالى، قيل: الباقي بعد فناء الخلق، وقيل: معناه: أن مصير الخلق إليه (٢)، وهذا نظير قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (٤٠)} [مريم:٤٠].

قال ابن عطية في تفسيره: "وقوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} الآيات هذه الآيات مع الآيات التي قبلها تضمنت العبرة والدلالة على قدرة الله تعالى وما يوجب توحيده وعبادته، فمعنى هذه وإنا لنحن نحيي من نشاء بإخراجه من العدم إلى وجود الحياة، وبرده عند البعث من مرقده ميتاً، ونميت بإزالة الحياة عمن كان حياً، {وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (٢٣)} أي: لا يبقى شيء سوانا، وكل شيء هالك إلا وجهه لا رب غيره " (٣).


(١) سيد قطب: في ظلال القرآن، دار الشروق - بيروت، القاهرة، ط ١٧ ١٤١٢ هـ (٤/ ٢٣٧٧).
(٢) البغوي: معالم التنزيل، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ١ ١٤٢٠ هـ، (٣/ ٥٥).
(٣) ابن عطية: المحرر الوجيز، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ (٣/ ٣٥٨ (

<<  <   >  >>