للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فـ"مكان الموت الذي هو ختام الأمر الدنيوي، وطي سجل الأثر الشهودي، وابتداء الأمر الأخروي، الظهر لأحوال البرزخ في النزول مع المنتظرين لبقية السفر إلى دائرة البعث، وحالة الحشر إلى ما هنالك من ربح وخسران، وعز وهوان، وما للروح من اتصال بالجسد، والرقية في العلو والسفول، والصعود والنزول، إلى ما وراء ذلك إلى ما لا آخر مما لا يعلم تفاصيله، وجملة وكلياته وجزئياته إلا مخترعه وبارئه ومصطنعه، وعبّر في الآية بقوله (بأي أرض تموت) ولم يقل: بأي وقت! لعدم القدرة على الانفكاك عن الوقت مع القدرة على الانفكاك عن مكان معين، وإماطة العلم بكراهة كل أحد للموت، فكان ذلك أول دليل على جهله بموضوع موته " (١).

فوقت موت الإنسان مجهول {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: ٣٥] كما لا تدري نفس في أي وقت تموت (٢).

ج. أن العمل ينتهي بوقوع الموت:

قال جل وعلا: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)} [المؤمنون:٩٩ - ١٠٠].

وقال سبحانه جل في علاه: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١١)} [المنافقون:١٠ - ١١].


(١) البقاعي: نظم الدرر، دار الكتاب الإسلامي - القاهرة، دون ذكر رقم الطبعة وتاريخها (١٥/ ٢١٩)
(٢) أبو السعود: إرشاد العقل السليم (٧/ ٧٨).

<<  <   >  >>