للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمتى عَلِم، وأيقن " أن الدنيا أمد، والآخرة أبد " (١)، أخلص وجد واجتهد، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل " (٢)، " فإنهم إذا جعلوا الآخرة نصب أعينهم وقبلة قلوبهم، واهتموا للمقام بها اجتهدوا في كثرة الأعمال الموصلة إليها وتصفيتها من القواطع والعوائق " (٣).

فالإيمان باليوم الآخر مفتاح سعادة الإنسان، وسر يقينه، وهو الرباط الوثيق بين العمل والجزاء، وبين الصبر والفرج، وبين التحمل والإنعام " (٤).

ومع كون الإيمان باليوم الآخر، ركناً من أركان العقيدة الإسلامية ومكوناً أساسياً لمنظومة التوحيد، ومع كونه ضرورة دينية، إلا أن الإيمان بالمعاد واليوم الآخر يُعد أيضاً: ضرورة فطرية نفسية عقلية أخلاقية سلوكية.

ولذا " بقيت عقيدة اليوم الآخر، هي القوة الوحيدة القادرة على تهذيب النفوس، والحيلولة دون إغراقها، وهي الدرع الحصينة التي تحفظها من هجمات الأهواء، وتصوغها صياغة رفيقة لتصل إلى السعادة المبتغاة، وهي الركن الأساس الذي يرسو عليه بناء النفس الفاضلة والمجتمع الفاضل " (٥)

فالإيمان باليوم الآخر: " يُشكل إجابة على أحد الأسئلة التي تراود الذهن الإنساني وهي عبارة:

١. من أين جئت؟ ٢. لماذا جئت؟ ٣. إلى أين أذهب؟ " (٦)

إن معرفة المكلف بتفاصيل وأحوال اليوم الآخر، وما فيه من أهوال يزيده يقيناً وإيماناً.


(١) هذه مقولة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - انظر: ابن سعد: الطبقات الكبرى (٤/ ٢٦٨)
(٢) ابن عساكر: تاريخ دمشق (٤٢/ ٤٩٥).
(٣) السعدي: تيسير الكريم الرحمن ت: عبدالرحمن اللويحق، ص (٧٩١).
(٤) نادية العمري: أضواء على الثقافة الإسلامية (٩٨).
(٥) الكعبي: المعاد يوم القيامة، مركز الرسالة، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، ص (٢٤).
(٦) السبحاني: مفاهيم القرآن، مؤسسة الإمام الصادق، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٨/ ٧).

<<  <   >  >>