للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول العلامة ابن عابدين:" واعلم أن الحكم بكفر من ذكرنا من أهل الأهواء ونحوهم مع ما ثبت عن أبي حنيفة والشافعي، من عدم تكفير أهل القبلة من المبتدعة كلهم، محملة: أن ذلك المعتقد نفسه كفر، فالقائل به قائل بما هو كفر، وإن لم يكفر بناء على كون قوله ذلك عن استفراغ وسعة، مجتهداً في طلب الحق ... وعلى هذا يجب أن يحمل المنقول على ما عدا غلاة الرافضة ومن ضاهاهم، فإن أمثالهم لم يحصل منهم بل وسع في الاجتهاد ... فلا يتأتى من مثل الإمامين العظيمين أن لا يحكما، فأنهم من أكفر الكفرة، وإنما كلامها في مثل من له شبهة فيما ذهب إليه، وإن كان ما ذهب إليه عند التحقيق في حد ذاته كفراً، كمنكر الرؤية، وعذاب القبر، ونحو ذلك، فإن فيه إنكار حكم النصوص المشهورة والإجماع، إلا أن لهم شبهة قياس الغائب على الشاهد، ونحو ذلك مما علم في الكلام " (١).

وقال الشيخ عبد الرحمن أفندي الحنفي:" لكن المعتزلة أنكروا عذاب القبر فلا يصح إكفارهم في صحيح الأقوال " (٢).

وقال البكري:" ومثل ما ذكر من سبق اللسان وما بعده، الاجتهاد فيما لم يقم الدليل القاطع على خلافه، كاعتقاد المعتزلة عدم رؤية الباري في الآخرة أو عدم عذاب القبر أو نعيمه، فلا يكفرون بذلك، لأنه اقترن به اجتهاد" (٣).

وقال شهاب الدين النفراوي:" من أنكر فتنة القبر وسؤال الملكين مبتدع يؤدب، فإن أصر على إنكاره لا يجوز قتله، ويضرب أدباً، كما فعله عمر رضي الله عنه، ببعض الناس " (٤).


(١) ابن عابدين: منحة الخالق، مطبوع مع كتاب البحر الرائق لابن نجيم: (٥/ ١٥١).
(٢) عبد الرحمن أفندي: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٦٩٤)
(٣) البكري: إعانة الطالبين، دار الفكر - بيروت، ط ١ ١٤١٨ هـ (٤/ ١٥١).
(٤) النفراوي: الفواكه الدواني، دار الفكر - بيروت، ١٤١٥ هـ، (١/ ٩٩).

<<  <   >  >>