للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب: بأن يراد بالحياة في القبر للمساءلة ليست الحياة المستقرة المعهودة في الدنيا، التي تقوم فيها الروح بالبدن، وتدبيره وتصرفه، وتحتاج إلى ما يحتاج إليه الأحياء، بل هي مجرد إعادة، لفائدة الامتحان، فهي إعادة عارضة" (١).

واحتج المنكر أيضاً بقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان:٥٦]، قال: ولو أحيوا في القبر لذاقوا موتتين.

والجواب: أن ذلك وصف لأهل الجنة، والضمير فيها للجنة، والمعنى: لا يذوق أهل الجنة في الجنة الموت، فلا ينقطع نعيمهم، فلا دلالة في الآية على انتفاء موته أخرى بعد المسألة، وقبل دخول الجنة.

وقوله: {إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}: فهو تأكيد لعدم موتهم في الجنة على سبيل التعلق بالمحال، كأنه قيل: لو أمكن ذوقهم الموتة الأولى، لذاقوا في الجنة الموت، لكنه لا يمكن بلا شبهة، فلا يتصور موتهم فيها.

وقد يقال: {إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى}: للجنس لا للوحدة، وإن كانت الصيغة صيغة الواحد، وليس فيها نفي تعدد الموت، لأن الجنس يتناول المتعدد أيضاً. (٢)

قال الإمام القرطبي:" إلا الموتة الأولى، على الاستثناء المنقطع، أي: لكن الموتة الأولى ذاقوها في الدنيا.

وقيل: إن (إلا) بمعنى: بعد. وقيل: (إلا) بمعنى سوى، أي: سوى الموتة التي ماتوها في الدنيا " (٣).

وقد ورد في السنة المطهرة التنصيص على فتنة القبر:


(١) ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة - بيروت، ١٣٧٩ هـ (٣/ ٢٤١).
(٢) الإيجي: المواقف، دار الجيل - بيروت، ط ١ ١٤١٧ هـ (٣/ ٥٢١)، الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٢٧/ ٦٦٦).
(٣) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (١٦/ ١٥٥).

<<  <   >  >>