للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام العراقي عن هذا الحديث:" فيه إثبات عذاب القبر، لأن عرض مقعده من النار عليه، نوع عظيم من العذاب، وهو مذهب أهل السنة، وقد تظاهرت عليه أدلة الكتاب والسنة، ولا يمتنع في العقل " (١).

- وفي الصحيحين: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ، فَقَالَتَا لِي: إِنَّ أَهْلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ فَكَذَّبْتُهُمَا وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا، وَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَجُوزَيْنِ، وَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: «صَدَقَتَا، إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَذَابًا تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ كُلُّهَا» فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي صَلَاةٍ إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ (٢).

ولما ذكر الإمام ابن القيم، حديث البراء بن عازب الطويل، والذي فيه وصف لحال المقبور في قبره، قال: "هذا حديث ثابت مشهور مستفيض صححه جماعة من الحفاظ، ولا نعلم أحداً من أئمة الحديث طعن فيه، بل رووه في كتبهم، وتلقوه بالقبول، وجعلوه أصلاً من أصول الدين في عذاب القبر ونعيمه" (٣).

وكما ثبت عذاب القبر بنصوص الكتاب والسنة، فهو كذلك جائز بالعقل يقول الإمام ابن قتيبة: "إنه إذا جاز في المعقول وصح في النظر، وبالكتاب والخبر أن الله تعالى يبعث من في القبور، بعد أن تكون الأجساد قد بليت والعظام قد رمت، جاز أيضاً في المعقول، وصح في النظر، وبالكتاب والخبر أنهم يعذبون بعد الممات في البرزخ" (٤).


(١) العراقي: طرح التثريب، مكتبة الباز - مكة، ط ١ ١٤٢٤ هـ (٣/ ٣٠٦).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعوات، باب التعوذ من عذاب القبر ح (٦٣٦٦)، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب المساجد باب التعوذ بالله من عذاب القبر ح (٥٨٦).
(٣) ابن القيم: الروح، دار الحديث - القاهرة، ١٤٢٤ هـ، ص (٤٨).
(٤) ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث، المكتب الإسلامي، ط ٢ - ١٤١٩ هـ، ص (٢٢٧).

<<  <   >  >>