للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في قصة الرجل الذي أخذ الشملة من الغنيمة، قال عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشِرَاكٍ أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «شِرَاكٌ - أَوْ شِرَاكَانِ - مِنْ نَارٍ» (١).

فهذه الأسباب وغيرها كثير، هي من الأسباب المفصلة التي يعذب هاب أصحابها في القبور.

وأما الأسباب المجملة التي تكون سبباً في العذاب هو: الجهل بالله جل وعلا، وإضاعة أمره، وارتكاب معاصيه، إذ إن عذاب القبر وعذاب الآخرة أثر غضب الله تعالى وسخطه على عبده، فمن أغضب الله جل وعلا وأسخطه في هذه الدار ثم لم يتب ومات على ذلك، كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله تعالى وسخطه عليه، فمستقل ومستكثر ومصدق ومكذب (٢).

قال الإمام القرطبي:" قال علماؤنا: لا أبين في أحوال المعذبين في قبورهم من حديث البخاري، وإن كان مناماً، فمنامات الأنبياء عليهم السلام وحي " (٣).

٧ - وكذا تتبع العلماء واستقصوا الأسباب التي تنجي من عذاب القبر وهي أسباب كثيرة وردت في السنة المطهرة ومنها:

أ- الشهادة في سبيل الله، وترجم لها الإمام البيهقي بقوله:" ما يرجى في ... الشهادة في سبيل الله من الأمن من عذاب الله في القبر " (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر ح (٤٢٣٤)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم الغلول ح (١١٥.
(٢) ابن القيم:: ص (٧٧)، ابن رجب: أهوال القبور: ص (٤٨)، القرطبي: التذكرة:، ص (١٥٤).
(٣) القرطبي: التذكرة، دار المنهاج - الرياض، ط ١ ١٤١٥ هـ، ص (١٥٧).
(٤) البيهقي: إثبات عذاب القبر، دار الفرقان - الأردن، ط ٢ - ١٤٠٥ هـ، (٩٧).

<<  <   >  >>