للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا المعنى هو أحد معاني هذه الآية الكريمة، ومن معانيها ما ذكره العلامة أبو السعود في تفسيره وعقب عليه فقال: "وقيل: حدًا تؤقت به الدنيا و تنتهي عنده، أو حدا للخلائق ينتهون فيه. ولا ريب في أنهما بمعزل من التقريب الذي أشير إليه، على أن الدنيا تنتهي عند النفخة الأولى " (١)

ورجح في المعنى العام للآية أن " يوم فصل الله عز وجل بين الخلائق، كان في علمه و تقديره ميقاتا وميعادا لبعث الأولين والآخرين، وما يترتب عليه من الجزاء ثوابا وعقابا، لا يكاد يتخطاه بالتقدم و التأخر" (٢).

ومما يُنبه إليه في هذا المقام أن المولى عز وجل اتبع الآية السابقة بقوله تعالى: ... {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (١٧) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (١٨)} [النبأ ١٧ - ١٨]

فذكر أهل الإعراب أن هذه الآية تعرب بدلا أو بيانا ليوم الفصل.

ومما يترتب عليه ما قاله العلامة الشهاب رحمه الله في حاشيته: " فإن نَفخَ الصور، واتصال الأرواح بالأجساد، و الحشر في الآخرة (أي: تكون في الآخرة)، فظهر فساد ما قيل: من أنه نهاية أيام الدنيا وآخر مخلوقاته؛ لأنه لا يخلق بعده شيء منها، ولذا يقال له: اليوم الآخر" (٣).

وهو كأنما يُعَرِّض بالقائلين: إن اليوم الآخر هو آخر أيام الدنيا، قال العلامة الحليمي رحمه الله: "فاليوم الآخر هو آخر أيام الحياة الدنيا؛ فإذا نفخ في الصور، وصعق من في الأرض فلم يبق منهم أحد، فيومهم الذي انقضت فيه حياتهم، هو يومهم الآخر.

وإذا نفخ في الصور نفخة الأحياء فبعثوا، فذلك يوم القيامة " (٤).


(١) أبو السعود: إرشاد العقل السليم، (٩/ ٨٨).
(٢) أبو السعود: إرشاد العقل (٩/ ٨٨).
(٣) ((شهاب الدين الخفاجي: حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي (٨/ ٣٠٤)، الزجاج: معاني القرآن (٥/ ٢٧٢)، الرازي: مفاتيح الغيب (١٢/ ٣١)
(٤) ((الحليمي: مختصر شعب الإيمان، اختصره: علي الشربجي، و محيي الدين نجيب (٧٦)

<<  <   >  >>