للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رجال من الأعراب يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم -فيسألونه عن الساعة، فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول: «إنْ يَعِشْ هَذَا لا يُدْرِكْهُ الهَرَمُ، حتَّى تقُومَ عَليْكُمْ سَاعتُكم «(١)

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: "و المراد انخرام قرنهم ودخولهم في عالم الآخرة فإن كل من مات فقد دخل في حكم الآخرة، فبعض الناس يقول: من مات فقد قامت قيامته، وهذا الكلام بهذا المعنى صحيح " (٢).

ومما يؤكد هذا المعنى قول الإمام ابن القيم رحمه الله: "إن الموت معاد وبعث أول، فإن الله تعالى جعل لابن آدم معادين وبعثين، يجزي فيهما الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذين آمنوا بالحسنى، فالبعث الأول مفارقة الروح للبدن ومصيرها إلى دار الجزاء الأول " (٣)

ومما ذُكر يتبين أن القيامة صغرى و كبرى، ولكن مدلول اليوم الآخر في القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة تدلان على المعنى المتبادر إلى الذهن وهو يوم القيامة يوم الحساب و الجزاء، و لذا قال العلامة الحليمي رحمه الله: "وما بينهما لا من الدنيا و لا من الآخرة، و هو البرزخ" (٤).

وبعد هذا البيان يرد تساؤل حول المفهوم العام لليوم الآخر:

هل هو خاص بما ذكرناه و أشرنا إليه: من أنه يبدأ من النفخة الثانية، إلى الاستقرار في الجنة أو النار , أو هو شامل لما قبل ذلك مما يكون بعد الموت من أحداث؟!


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقائق ح (٦٥١١)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفتن ح ... (٢٩٥٢).
(٢) ابن كثير: النهاية في الفتن و الملاحم (١/ ٢٨).
(٣) ابن القيم: الروح ص (٧٤).
(٤) الحليمي: مختصر شعب الإيمان، اختصره: علي الشربجي، و محيي الدين نجيب ص (٧٦)

<<  <   >  >>