للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجيب عن هذه الشبهة بما يلي:

أ. أن إنكار الميزان بناء على إنكار حصول الفائدة، هذا مأخوذ من الأصول الفاسدة التي توجب الغرض في أفعال الله تعالى وهو باطل، وهذا الرد تقلده أئمة الأشاعرة، وهو رد عليل؛ لأنه مبني كذلك على أصلهم الفاسد في نفي الحكمة والتعليل في أفعال الله تعالى، ولزم كلا الفريقين لوازم باطلة.

وأهل السنة والجماعة يثبتون الحكمة والتعليل، ولكنها تتضمن أمرين:

أحدهما: حكمة تعود إلى الله تعالى يحبها ويرضاها، وهذا ما ينفيه المعتزلة.

الثانية: حكمة تعود إلى عباده، وهي نعمه عليهم يفرحون بها ويلتذون في المأمورات والمخلوقات.

ب. قد ذكر العلماء أن لنصب الميزان حكم متعددة، "لولم يكن من الحكمة في وزن الأعمال إلا ظهور عدله سبحانه لجميع عباده، فإنه لا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين" (١) لكفى ومع ذلك ذكر الأئمة أقوالاً واجتهادات في بيان أوجه الحكمة في نصب الميزان، هي مجرد استنباطات، وتبقى حقيقة علم ذلك إلى الله تعالى (٢).

فمما قيل في أوجه الحكمة:

- امتحان الخلق بالإيمان بذلك في الدنيا.

- إظهار علامة السعادة الشقاوة يوم القيامة.

- ليعرف العباد مالهم من خير وشر.

- لإقامة الحجة عليهم، وإظهار الإنصاف وقطع المعذرة (٣).


(١) ابن أبي العز: شرح الطحاوية، وزارة الأوقاف السعودية، ط ١ ١٤١٨ هـ، ص (٤١٩).
(٢) عواجي: الحياة الآخرة، دار لينة- مصر، ط ١ ١٤١٧ هـ (٣/ ١١٥٧).
(٣) ابن الجوزي: زاد المسير: (٢/ ١٠٣)، الرازي: مفاتيح الغيب: (١٤/ ٢٠٣)، ابن ناصر الدين: منهاج السلامة: ص (١١٩)، أبو حيان: البحر المحيط: تحقيق صدقي جميل، ص (٥/ ١٤)

<<  <   >  >>