للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما اختلاف الأخبار والآثار الواردة عن السلف، فالتعامل مع ما صح منها هو الجمع إن أمكن الجمع بينهما، كما هو منهج جماعة من الأئمة، فإن لم يمكن الجمع، وعُلِم المتأخر فهو ناسخ للمتقدم، فإن تعذر العلم بتاريخ الناسخ والمنسوخ، عُمِل بالراجح إن كان هناك مُرَجِح (١).

وأما اختلاف الفهوم فهذا هو شأن العلماء في كل زمن، والعبرة في الفهم: الأقرب إلى الأدلة، والذي عليه جماعات العلماء.

وأما الرأي والتخيل والقياس الفاسد، فهذا لا شأن للمحققين من أهل السنة به، إذ كلامهم في الغيبيات ظاهر، وواضح، وبيّن، في أنه يجب عدم التعرض لحقائق الأمور الغيبية.

(١) اختلف العلماء في الموزون على ثلاثة أقوال (٢):

القول الأول: أن الذي يوزن العمل، وهي الحسنات والسيئات بوضع إحداهما في كفة والأخرى في كفة، قاله الحسن والسدي.

وخالف في ذلك المعتزلة -كما نقل الأئمة عنهم - فقالوا: الأعمال أعراض فكيف توزن؟ (٣).

وأجاب عنه العلماء: بأن الله جل وعلا قادر على قلب الأعراض أجساماً فالموت معنى من المعاني، ويؤتى به يوم القيامة على صورة كبش (٤).

واستدل أصحاب هذا القول بجملة من الأدلة تدل على أن العمل نفسه يوزن:

قال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨) وقال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)} [الأنبياء:٤٧].


(١) ابن قدامة: روضة الناظر، مؤسسة الريان، ط ٢ - ١٤٢٣ هـ (٢/ ٣٩١)
(٢) الماوردي: النكت والعيون: (٢/ ٢٠١)، السمعاني: تفسير القرآن: (٢/ ١١٦).
(٣) الغزالي: الاقتصاد في الاعتقاد، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ١ ١٤٢٤ هـ، ص (١١٩)
(٤) ابن أبي العز: شرح الطحاوية، وزارة الأوقاف السعودية، ط ١ ١٤١٨ هـ، ص (٤١٩)

<<  <   >  >>