للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا اختص الله عز وجل , بملكه فقال سبحانه وتعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)}

وهنا يرد التساؤل: ما وجه الاختصاص؟ مع كونه سبحانه وتعالى مالكاً لكل الأشياء؟

قيل: تهويلاً وتعظيماً لشأنه.

وقيل: لأنه ينفرد في ذلك اليوم بالحكم , بخلاف الدنيا فإنه يحكم فيها الولاة والقضاة , ولا يملك أحد الحكم في ذلك اليوم إلا الله عز وجل. (١)

وقيل: لأنه اليوم الذي يضطر فيه المخلوقون إلى أن يعرفوا أن الأمر كله لله ألا تراه يقول: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: ١٦]، {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩)} [الانفطار: ١٩]، فهو اليوم الذي لا يملك فيه أحد لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا (٢).

وقيل: لأنهم في الدنيا كانوا منازعين لله تعالى في الملك, كفرعون والنمرود وغيرهما, وفي ذلك اليوم لا ينازعه أحد في ملكه، فالكل خاضع له (٣).

وقيل: لأن ملك الدنيا قد اندرج في قوله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} ... [الفاتحة] فأثبت أنه مالك الآخرة بقوله:" مالك يوم الدين"؛ ليعلم أنه الملك في الدارين (٤).

فالله جل جلاله، وتقدست أسماؤه وتعالى جده , وتعاظم أمره , لا منازع له في الملك , ولا مغالب له في الأمر سبحانه وبحمده.

ولذا كان أخنع وأذل وأوضع وأفجر اسم في الدنيا رجل يسمى بملك الأملاك، فإنه لا مالك إلا الله سبحانه , فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عِنْدَ اللهِ رَجُلٌ تَسَمَّى: مَلِكَ الْأَمْلَاكِ لَا مَالِكَ إِلَّا اللهُ «(٥)


(١) الواحدي: التفسير الوسيط (١/ ٦٧).
(٢) الزجاج: معاني القران (١/ ٤٧).
(٣) السمرقندي: بحر العلوم (١/ ١٧).
(٤) الثعلبي: الكشف والبيان (١/ ١١٦).
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الأدب باب أبغض الأسماء إلى الله تعالى ح (٦٢٠٦)،وأخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الأدب، باب تحريم التسمي بملك الأملاك وملك الملوك ح (٢١٤٢).

<<  <   >  >>