للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الإمام ابن كثير: "هذا تنبيه من الله عز وجل على اقتراب الساعة ودنوها وأن الناس في غفلة عنها، أي: لا يعملون لها، ولا يستعدون من أجلها" (١) ... "وهذا تعجب من حالة الناس، وأنه لا ينجع فيهم تذكير، ولا يرعون إلى نذير وأنهم قد قرب حسابهم ومجازاتهم على أعمالهم الصالحة والطالحة" (٢).

واقتراب الحساب هو: اقتراب الوقت الذي يحاسبون فيه، ولذا سمى القرآن الكريم الساعة قريبة؛ لأنها كائنة لا محالة، وكل ما هو كائن لا محالة فهو قريب، وأيضاً فإن ما بقي من الدنيا في جنب ما مضى قليل (٣).

وفي تسمية يوم القيامة بيوم الحساب فائدة، كما قال جل وعلا: {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (٢٦)} [ص:٢٦]، قال الإمام الرازي:" الفائدة في تسمية يوم القيامة بيوم الحساب، أن الحساب هو الكاشف عن حال المرء فالخوف من ذكره أعظم " (٤).

- وقال جل وعلا في تأكيد الحساب: {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٥)} [آل عمران:٢٥]، ولذا أقسم الرب جل وعز على وقوع سؤالهم وحسابهم فقال سبحانه: ... {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)} [الحجر:٩٢ - ٩٣]، قال العلامة النسفي:" أقسم بذاته وربوبيته، ليسألن يوم القيامة واحداً واحداً من هؤلاء المقتسمين، عما قالوه في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو في القرآن، أو في كتب الله" (٥).


(١) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ت: سامي سلامة (٥/ ٣٣١)
(٢) السعدي: تيسير الكريم الرحمن، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ص (٥١٨)
(٣) السمعاني: تفسير القرآن، دار الوطن - الرياض، ط ١ ١٤١٨ هـ (٣/ ٣٦٧)
(٤) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٢٢/ ١١٩)
(٥) النسفي: مدارك التنزيل، دار الكلم الطيب - بيروت، ط ١ ١٤١٩ هـ (٢/ ٢٠)

<<  <   >  >>