للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حين ذكر الإمام ابن تيمية، أن هذه المسألة مما لا يُضَيَّق فيها، ولا يهجر المخالف، يقول:" هي مسألة لا يكفر فيها بالاتفاق، والصحيح أيضاً: أن لا يُضيّق فيها ولا يهجر، وقد حكي عن أبي الحسن بن بشار أنه قال: لا يصلى خلف من يقول: إنهم يحاسبون، والصواب الذي عليه الجمهور: أنه يصلى خلف الفريقين، بل يكاد الخلاف يرتفع عند التحقيق" (١).

٣ - أن التحقيق في هذه المسألة أن يقال: إن لفظ الحساب يراد معنيان

أ. يُراد به الإحاطة بالأعمال، وكتابتها في الصحف، وعرضها على الكفار، وتوبيخهم على ما عملوه، وزيادة العذاب ونقصه، بزيادة الكفر ونقصه، فهذا الضرب من الحساب ثابت بالاتفاق.

ب. يُراد به: وزن الحسنات بالسيئات ليتبين أيها أرجح، فالكافر لا حسنات له توزن بسيئاته، إذ أعماله كلها حابطة (٢).

قال الإمام ابن تيمية: "ولهذا لما تنازع أهل السنة في الكفار، هل يحاسبون أم لا؟ كان فصل الخطاب إثبات الحساب، بمعنى عد الأعمال وإحصائها وعرضها عليهم، لا بمعنى إثبات حسنات نافعة لهم، في ثواب يوم القيامة تقابل سيئاتهم" (٣).

وهذا القول هو الذي تجتمع به الأدلة، فمن أثبت الحساب للكفار، لم يلزم من كلامه موازنة بين الحسنات والسيئات، ومن نفى الحساب لم يلزم من كلامه عدم التقرير بالذنوب، وهذا التفصيل جامع بين القولين.

قال العلامة ابن العماد:" والحق أنهم تحصى أعمالهم، ويطلعون عليها ويقرّعون بها تقريعاً، من غير وزن ولا حساب" (٤).


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية: (٦/ ٤٨٧).
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (٦/ ٤٨٧).
(٣) ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل، جامعة الإمام محمد بن سعود - السعودية: (٥/ ٢٢٩).
(٤) ابن العماد: شذرات الذهب، دار ابن كثير - دمشق، ط ١ ١٤٠٦ هـ (٤/ ٦٧).

<<  <   >  >>