للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا أدبرت الدنيا حلت الآخرة , التي هي آخر مراحل الإنسان , فتنقضي الأزمان , وتفنى الأعوام , وتختفي المعالم. فهو يوم لا ليل بعده، لذا وصف بالآخر؛ لأنه لا يقال يوم إلا لما تقدمه ليل (١)

وذكر العلماء في سبب تسمية اليوم الآخر بهذا الاسم عدة أوجه:

قال الإمام الطبري رحمه الله: " فكذلك الدار الآخرة , سميت آخرة؛ لتقدم الدار الأولى أمامها , فصارت التالية لها آخرة , وقد يجوز أن تكون سميت آخرة؛ لتأخرها عن الخلق , كما سميت الدنيا " دنيا " لدنوها من الخلق " (٢)

وقال العلامة السمرقندي رحمه الله: " لأنه لا يكون بعده ليل , فيصير بمنزلة يوم واحد " (٣)

وقال الإمام البغوي رحمه الله: " وسميت الآخرة آخرة؛ لتأخرها , وكونها بعد فناء الدنيا " (٤)

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وأما اليوم الآخر فقيل له ذلك؛ لأنه آخر أيام الدنيا , أو آخر الأزمنة المحدودة " (٥)

وقال العلامة ابن باز رحمه الله: " سمي الآخر؛ لأنه دبر الدنيا , الدنيا ثم يوم القيامة " (٦)، وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: " لأنه لا يوم بعده " (٧)

فاليوم الآخر يوم طويل , لا يكون حتى تفنى الدنيا وما عليها. تقف فيه الخلائق حتى يُقضى بينها، ففريق في الجنة وفريق في السعير. وقد فاز من حاز الدول الثلاث فيها , قال أبوبكر الواسطي: " الدول ثلاث: دولة الحياة ودولة الموت , ودولة يوم القيامة.

فأما دولة الحياة: فإنه يعيش فيها في طاعة الله تعالى.

وأما دولته عند الموت: بأن تخرج روحة عند شهادة أن لا إله إلا الله.

وأما الدولة الصحيحة: فدولة يوم القيامة البشرى , فحين يخرج من القبر يأتيه البشير بالجنة " (٨)

* * *


(١) الثعالبي: الجواهر الحسان: (١/ ١٨٧).
(٢) الطبري: جامع البيان: (١/ ٢٤٥).
(٣) السمرقندي: بحر العلوم: (٢/ ٤٩٥).
(٤) البغوي: معالم التنزيل: (١/ ٨٥).
(٥) ابن حجر: فتح الباري: (١/ ١١٨) , السمعاني: تفسير القرآن: (١/ ٤٤)، ابن الجوزي: زاد المسير (١/ ٢٩) , الخازن: لباب التأويل (١/ ٢٥) , ابن علان: دليل الفالحين: (٥/ ١٨١).
(٦) ابن باز: عقيدة أهل السنة والجماعة: موقع الشيخ الرسمي على الشبكة العنكبوتية، وهي عبارة عن محاضرة ألقيت في الرياض بتأريخ: ٧/ ٦/١٤١٥ هـ.
(٧) ابن عثيمين: شرح ثلاثة الأصول: ص (١٠٠).
(٨) السمرقندي: تنبيه الغافلين: ص (٦٥).

<<  <   >  >>