للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأجيب: بأنه لا تعارض أو تدافع بين الآية والحديث؛ لأن سياق الآية الكريمة، يدل على أن المعنى: أنهم إذا دخلوها لم تغلق أبوابها عليهم، بل تبقى مفتحة؛ إشارة إلى تعرفهم، وذهابهم، وإيابهم، ودخول الملائكة عليهم من كل باب، بالتحف والألطاف من ربهم، وإلى أنها دار أمن، لا يحتاجون فيها إلى غلق الأبواب، كما كانوا في الدنيا (١).

٤ - واستشكل في الحديث الشريف: الأولية في الاستفتاح والدخول للنبي - صلى الله عليه وسلم - بما ورد:

(أ) - عند الترمذي من حديث بريدة رضي الله عنه، قال: «أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَدَعَا بِلَالًا، فَقَالَ: «يَا بِلَالُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ إِنِّي دَخَلْتُ الْبَارِحَةَ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي» (٢).

وأجيب عن سبق بلال للنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث، بأنه ليس من حيث الحقيقة، وإنما هو بطريق التمثيل؛ لأن عادته في اليقظة، أنه كان يمشي أمامه فلذلك تمثل له في المنام، ولا يلزم من ذلك السبق الحقيقي في الدخول، وإنما رآه أمامه في منامه، والمراد: سريان الروح في حالة النوم في تلك الحالة ... تنبيها على فضيلة عمله.

(ب) - وبما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَنَا أَوَّلُ مَنْ يُفْتَحُ لَهُ بَابَ الْجَنَّةُ إِلا أَنَّهُ تَأْتِي امْرَأَةٌ تُبَادِرُنِي فَأَقُولُ لَهَا: مَا لَكِ وَمَنْ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: أَنَا امْرَأَةٌ قَعَدْتُ عَلَى أَيْتَامٍ لِي» (٣).


(١) المناوي: فيض القدير: (١/ ٣٥)، الزرقاني: شرح الزرقاني على المواهب: (٧/ ٣٨٤، ١١/ ٣٨٧)، ابن القيم: حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح:، ص (٥٣ - ٤٥) الحلبي: السيرة الحلبية: (١/ ٣٣٢)
(٢) أخرجه أحمد في المسند ح (١٢٤٦٩)، (١٩/ ٤٥١)، وأخرجه ابن منده في كتاب الإيمان ح (٨٧٧).
(٣) أخرجه البزار في مسنده ح (٩٥٢٧: (١٩/ ١٩)، قال الإمام المنذري: في الترغيب والترهيب: واه أبو يعلى وإسناده حسن إن شاء الله (٣/ ٢٣٦)، وحسنة الهيثمي في الزواجر: (١/ ٤٢٠)

<<  <   >  >>