للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقرآن ذكر كثيرا من حجج الكفار وأقوالهم، وخاصة فيما يتعلق بأمر المعاد وجادلهم فيها بأحسن الحجج وأكملها (١)، وأبان نقصها وتهافتها.

ولذا يقول الإمام ابن تيمية:" وأما العلوم الإلهية، والمعارف الربانية، وما أخبرت به الأنبياء من الغيب، كالعرش، والملائكة، والجن، والجنة والنار وتفاصيل المعاد، فكل من نظر في كلام المسلمين فيها، وكلام علماء اليهود والنصارى، وجد كلام المسلمين فيها أكمل وأتم" (٢).

ومعلوم أن أصول الدين من التوحيد، وتصديق الرسل، وإمكان المعاد كل ذلك مذكور في القرآن على أكمل وجه.

وإن عامة ما يثبته النظار من المتكلمين والفلاسفة في هذا الباب، يأتي القرآن بخلاصته، وبما هو أحسن منه، على أتم الوجوه، بل لا نسبة بينهما؛ لعظم التفاوت (٣).

فالقرآن الكريم جاء بما يشفي ويكفي في أمر الآخرة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بيّن للأمة كل ما هو كائن إلى قيام الساعة.

يقول الإمام ابن تيمية:" إن الله تعالى في كتابه، ذكر من دلائل المعاد وبراهينه، ما لا يقدر أحد على أن يأتي بقريب منه، وذكر فيه من أصناف الحجج، ما ينتفع به عامة الخلق " (٤).

فالتمايز بين الشرائع السماوية في مقدار البيان والتفصيل، ولذا جاء القرآن ببيان أدلة المعاد، وأحوال اليوم الآخر، بكل الصور البيانية، والأساليب البلاغية، والأوجه الإعجازية.

فقد أشار إلى الحوار المباشر وغير المباشر، وحرّك العقل، والوجدان والحس، والفطرة، بالأدلة القياسية التي تثبت إمكان المعاد ووقوعه.

يقول الإمام ابن القيم: "والقرآن مملوء منه " (٥).


(١) ابن تيمية: الجواب الصحيح، دار العاصمة، السعودية، ط ٢ - ١٤١٩ هـ، ص (١/ ٢٢٩)
(٢) ابن تيمية: الجواب الصحيح، دار العاصمة، السعودية، ط ٢ - ١٤١٩ هـ، (٦/ ٢٣)
(٣) ابن تيمية: الفتاوى الكبرى (٦/ ٦٤٤)، ابن تيمية: النبوات ١٤٢٠ هـ (٢/ ٦١٣)
(٤) ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل، جامعة الإمام محمد بن سعود - السعودية (٧/ ٣٧٤)
(٥) ابن القيم: زاد المعاد، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط ٢٧ ١٤١٥ هـ (٣/ ٥٩٥)

<<  <   >  >>