للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه المسألة: "والنزاع فيها مشهور لكن الذي عليه الأئمة وأكثر العلماء: أنه شرع لنا مالم يرد شرعنا بخلافه، وهذا إنما هو فيما ثبت أنه شرع لمن قبلنا، من نقل ثابت عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أو بما تواتر عنهم" (١).

وعليه فالمأثور عن السابقين له أحوال:

١ - أن يشهد شرعنا بصدقه، فيجب تصديقه.

٢ - أن يشهد شرعنا بكذبه، فيجب رده.

٣ - أن لا يشهد شرعنا بصدقه ولا كذبه، فهذا الذي يتوقف فيه ويجوز التحديث به، لكن لا يصدق ولا يكذب (٢).

وأما قول شيخ الإسلام في الواسطية:" وفي العلم الموروث عن محمد - صلى الله عليه وسلم - من ذلك ما يشفي ويكفي، فمن ابتغاه وجده ":

يؤكد ما قررناه من أن شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتمة الشرائع والمهيمنة على ما سبقها، ففيها الغنية والكفاية، لكنها تحتاج لمن ينقب عن الحق، ويبحث عنه وفي الحديث: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ «(٣).

والنبي - صلى الله عليه وسلم - ما ترك شيئاً من أمور الدنيا والآخرة، يحتاج إلى بيان إلا بينه.

يقول حذيفة رضي الله عنه: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَامًا، مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، إِلَّا حَدَّثَ بِهِ» (٤).


(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف - المدينة النبوية (١/ ٢٥٨)
(٢) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم (٥/ ١٤٦) ١/ ٩، العثيمين: مجموع فتاوى العثيمين (٨/ ٥٣٦)
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب الأمر بالوفاء ببيعته ح (١٨٤٤).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفتن، باب أخبار النبي فيما يكون إلى قيام الساعة ح (٢٨٩١).

<<  <   >  >>