للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومتى أيقن الإنسان بربوبية الله تعالى له، ولهذا الكون، ولما سواه وعداه لزمه صرف العبادة له وحده دون ما سواه، وإعمار هذا الكون بطاعته؛ لأن الإقرار بالربوبية يستلزم الإقرار بالألوهية، فمن اعتقده خالقاً رازقاً مدبراً لهذا الكون متصرفاً فيه، له القوة والقدر والقهر، وجب عليه أن يصرف له العبادة؛ لاستحقاقه لها سبحانه وتعالى.

٣) أن يكون هذا الكون ميداناً فسيحا للنشاط الإنساني، يستخدم فيه الإنسان طاقاته وإمكاناته، ويسخره لمنفعته، هذه المنفعة التي ستؤول في النهاية، إلى تحقيق عبادة الله تعالى، وقيام شريعته في المجتمع البشري (١).

٤) أن العلاقة التي تكون بين الإنسان والكون، يجب أن تكون علاقة أخذ وإعطاء، علاقة إحسان وكف، فيساهم في كل سبب فيه إعمار هذا الكون مما يرقى بمستوى هذا الإنسان، ويحمي قيم الجمال والأخلاق، التي من شأنها حماية أفراد هذا الكون من السقوط في الرذائل، فكما أن الإنسان مطالب في علاقتة بهذا الكون أن يُحسن، فكذلك هو مطالب بأن يكف عما من شأنه أن يخل بتوازن هذا الكون. والفساد الناشئ من بني الإنسان، سبب من أسباب فساد جماليات هذا الكون (٢).

فالعلاقة بين الإنسان والكون علاقة تكاملية، تنتج عنها انسجام وتوافق والانسجام بالنسبة للكون ناتج عن صفة قسرية تسخيرية، في حين يصدر من الإنسان عن إرادة حرة، فمالم تكن هذه الإرادة وفق التشريعات، لم يتحقق ذلك الانسجام والتوافق تحققاً كاملاً، وإن حصل المكلف منه ما ينتفع به في دنياه، إلا أنه لا ينتفع به أخراه.


(١) عبد الكريم عثمان: معالم الثقافة الإسلامية، مؤسسة الأنوار - الرياض، ١٤١٦ هـ، ص (٢١)
(٢) انظر: د. إبراهيم محمد سالم، في مقال له بعنوان (الإسلام وتصحيح علاقة الإنسان بالكون)، منشور في موقع وكالة القدس للأنباء بتاريخ: ٧ أيار ٢٠١٢ (بتصرف)

<<  <   >  >>