للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن مما يحمل الفرد المسلم على التعبد، كمال المعرفة، ولذلك كان العلماء هم خير البرية؛ لأنهم أشد الناس خشية، يقول جل وعلا: {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨)} [فاطر:٢٨]، ويقول جل وعلا: {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧)} إلى قوله {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (٨)} [البينة:٦ - ٧].

فاقتضت الآيتان أن العلماء هم الذي يخشون الله تعالى، وأن الله يخشون الله تعالى هم خير البرية، فينتج أن العلماء هم خير البرية (١).

ولذا قال الإمام القرافي:" خير البرية من يخشى الله تعالى، وكل من يخشى الله فهو عالم، فخير البرية عالم" (٢).

إن الحاجة الملحة للإحاطة بالثراء المعرفي، الموجب للأثر التعبدي وغيره، يعتبر من أهم الأسباب الداعية إلى معرفة مظاهر المعرفة، والبحث عن نتائجها، والتي تعبر عن الأثر التعبدي وغيره.

أما مظاهر الثراء المعرفي فيقوم على:

١ - معرفة الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته، وظهور آثار هذه المعرفة في العالم الدنيوي والأخروي.

٢ - المعرفة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - المخبر عن الله تعالى.

٣ - معرفة دلالات النصوص الشرعية، والوقوف على مراميها، واستظهار حكمها، وأحكامها.

وبعد التعرف على مظاهر المعرفة الموجبة للأثر التعبدي، يرد التساؤل المفروض: كيف يُحَصِّل المرء الثراء المعرفي؟

والجواب: أن تحصيل هذا الثراء المعرفي، يقوم على كثرة النظر والاطلاع لكلام أهل العلم والمعرفة.

١ - أما الثراء المعرفي المتعلق بمعرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، فيكون بالنظر إلى طريقين، دعا إليهما الرب سبحانه وتعالى في القرآن (٣):


(١) ابن جماعة: تذكرة السامع والمتكلم، دار الضياء - مصر، ط ١ ١٤٢٣ هـ، ص (٤٢)
(٢) القرافي: الذخيرة، دار الغرب الإسلامي - بيروت، ط ١ ١٩٩٤ م (١/ ٤١)
(٣) ابن القيم: الفوائد، دار الكتب العلمية - بيروت، ط ٢ - ١٣٩٣ هـ، ص (٢٠)

<<  <   >  >>