للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع أن الجميع قد يشترك في جلب الشجاعة الاكتسابية، والغريزة التي تلطف المخاوف وتهونها، إلا أن المؤمن يتميز بأمور تزداد بها شجاعته وتقوى بها هيبته، وذلك بقوة إيمانه، وصبره وتوكله على الله، واعتماده عليه واحتسابه لثوابه، مما يخفف عنه وطأة الخوف، وتهون عليه المصائب ويحصل له بسببها من معونة الله تعالى ومدده، ما يبدد هذه المخاوف، ويبعثر هذه الأوهام (١).

وأما مخاوف المرء من المصير الأخروي، فهو خوف محمود متى حمل صاحبه على اغتنام الحياة الدنيا، وجعلها مزرعة للآخرة، حيث يحصد فيها ما جنت يداه من خير وشر.

ومع ذلك فضمانات الأمان والاطمئنان، تسبق المسلم المستقيم على شرع الله تعالى، وتبشره بكل حسن، يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١)} [فصلت:٣٠ - ٣١].

فما أحلاها من بشارة، وما أغلاها من مكرمة، قال زيد بن أسلم: "يبشرونه عند موته، وفي قبره، وحين يبعث".

يقول الإمام ابن كثير:" وهذا القول يجمع الأقوال كلها، وهو حسن جداً وهو الواقع" (٢).

فحين تشعر النفس بهذه الضمانات، فستهرع لما يوجبها، ويحقق مقصودها، وهي ثمرة أخرى من ثمرات الإيمان باليوم الآخر من الناحية النفسية وتتمثل في:


(١) مقتبس من رسالة الشيخ عبد الرحمن السعدي، الوسائل المفيدة للحياة السعيدة، الجامعة الإسلامية ط ٢ - ، ١٤٠٩ هـ (١٦).
(٢) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: ت: سامي سلامة (٧/ ١٧٧).

<<  <   >  >>