للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الاستقامة على الشرع من الأمور العظيمة، يقول الأستاذ القشيري:" الاستقامة درجة بها كمال الأمور وتمامها، وبوجودها حصول الخيرات ونظامها، ومن لم يكن مستقيماً في حالته، ضاع سعيه وخاب جهده" (١)، وقال الواسطي عن هذه الخصلة الكريمة:"الخصلة التي بها كملت المحاسن ويفقدها قبحت المحاسن" (٢).

والاستقامة تشمل عدة أمور: الاستقامة على أن الله جل وعلا ربهم وخالقهم، والمتصرف في أمورهم، ثم الاستقامة على طاعته سبحانه، وأداء فرائضه، واجتناب نهيه، والاستقامة في الأفعال والأقوال، والاستقامة في السر والجهر.

يقول الأستاذ أبو علي الدقاق:" الاستقامة لها ثلاثة مدارج: أولها التقويم ثم الإقامة، ثم الاستقامة، فالتقويم من حيث تأديب النفوس، والإقامة من حيث تهذيب القلوب، والاستقامة من حيث تقريب الأسرار" (٣).

إن سلوك طريق الاستقامة أمر عسير، "ولأجل عسر الاستقامة، وجب على كل عبد أن يدعو الله تعالى في كل يوم سبع عشرة مرة في قوله {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة:٦] " (٤)، ولذا أمر الله جل وعلا نبيه - صلى الله عليه وسلم -بالدوام على الاستقامة، فقال سبحانه {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود:١١٢].

عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ قَالَ: " قُلْ: «آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ «(٥).


(١) القشيري: الرسالة القشيرية، دار المعارف - القاهرة، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٢/ ٣٥٦).
(٢) ابن دقيق العيد: شرح الأربعين النووية، مؤسسة الريان، ط ٦ ١٤٢٤ هـ، ص (٨١).
(٣) القشيري: الرسالة القشيرية، دار المعارف - القاهرة، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٢/ ٣٥٧).
(٤) الغزالي: إحياء علوم الدين، دار المعرفة - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٣/ ٦٤).
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، بابا جامع أوصاف الإسلام ح (٣٨).

<<  <   >  >>