للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا كان عامر بن عبد الله بن عبد قيس يقول:" في الدنيا الغموم والأحزان، وفي الآخرة النار والحساب، فأين الراحة والفرج؟ " (١)، فكانوا يعلمون أن الراحة في الجنة، ولما قيل لأبي حازم: ما الراحة؟ قال: دخول الجنة (٢).

ومع ذلك فالوصول للراحة الحقيقية لا تكون بالراحة، قال محمد الكتاني: "من طلب الراحة بالراحة عدم الراحة" (٣)، وقال الإمام إبراهيم الحربي:" أجمع عقلاء كل أمة، أن النعيم لا يدرك بالنعيم، ومن آثر الراحة فاتته الراحة" (٤). فالوصول إلى الراحة واللذة , لا يكون إلا على جسر التعب والألم , ولذا فالمصائب والآلام حشوها نعيمٌ ولذات ومسرات (٥)، فبحسب ركوب الأهوال، واحتمال المشاق، تكون الفرحة واللذة، "فلا فرحة لمن لا هم له، ولا لذة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلاً، استراح طويلاً، وإذا تحمل مشقة الصبر ساعة، قاده لحياة الأبد، وكل ما فيه أهل النعيم المقيم، فهو صبر ساعة" (٦).


(١) الأصفهاني: سير السلف الصالحين، دار الراية - الرياض، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٨٣٤).
(٢) الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، دار الغرب الإسلامي - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ، (١٢/ ٣٧٩).
(٣) الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، دار الغرب الإسلامي - بيروت، ط ١ ١٤٢٢ هـ، (٤/ ١٢٧).
(٤) ابن القيم: مفتاح دار السعادة، دار الكتب العلمية، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (١/ ١٤٢).
(٥) ابن القيم: مفتاح دار السعادة، دار الكتب العلمية، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٢/ ١٥).
(٦)

<<  <   >  >>